مخططان مختلفان يمسّان بالخصوص مواقع سليم وثقيف. وهناك فرضيات أخرى منها أن القبائل التي ترد أسماؤها بالأول تحتل الموقع المركزي ، وأن الآخرين يقيمون على التوالي إلى اليمين واليسار ، وهذا مخطط ثالث ممكن. وأخيرا ، ماذا تعني العبارة التي هي أساسية والتي تؤيدها رواية من البلاذري : «واقتسمت على السهمان؟».
هل تعني إسناد خطتها لكل قبيلة ، بعد أن تحدد موضعها الأساسي في الشمال أو الغرب أو الجنوب؟ وفي هذه الصورة ، لن نقدر أبدا على رسمها بدقة على خارطة. وكل ما نعلمه أن هناك طريقا كانت تفصل بين أسد والنخع ، وأن كندة مجاورة للنخع والازد أيضا. هذا كل ما لدينا من معلومات واضحة إلى حد ما بخصوص الرقعة الجنوبية حيث نحس بنوع من التنظيم والتصفيف ، أما دون ذلك ، إذا اعتمدنا فرضية تمليك الخطط عن طريق القرعة ، فإن الترتيب الذي ذكره سيف يفقد كل دلالة ، فنكون مجبرين على التمادي في ملاحقة الصدفة.
الواقع أن من الراجح كثيرا ـ وهذا من حسن حظنا ـ أن القرعة لم تفد القبائل ذاتها بقدر ما أفادت في توزيع العشائر والحسم بينها داخل الخطة القبلية ذاتها (١) ، وربما توزيع الأفراد أيضا. إن بنية الجملة والسياق العام تحثنا على إعتقاد هذا الأمر : «واقتسمت (الخطط) على السهمان».
وبذلك يتشكل لدينا على أية حال تنظيم قبلي. وقد ذكرنا أن أفضل طريقة لتحديد مواقع القبائل ، هي أن توضع جنبا إلى جنب ، انطلاقا من المركز ، وفي مواجهة كل جانب من اليمين إلى اليسار إلا في خصوص جانبي الشرق والغرب ، ففي اتجاه القبلة :
ـ جهة الشمال ، من الشرق إلى الغرب : سليم ، ثقيف ، همدان ، بجيلة ، تيم اللات ، تغلب.
ـ جهة الجنوب ، والشرق إلى الغرب : الأزد ، كندة ، النخع ، أسد.
ـ جهة الشرق ، من الشمال إلى الجنوب : الأنصار ومزينة ، تميم ومحارب ، أسد وعامر.
__________________
ولذا ينبغي وضع أسد يمينا في اتجاه القبلة بداية. وبالنسبة للشرق والغرب ، يكون المبدأ في وضع القبائل نزولا في اتجاه القبلة. فمن المرجح أن هناك مزجا بين هذين المرجعين (الميمنة والقبلة). إلّا أنه لا يمكن التأكد من الأمر بصورة قاطعة ، على الرغم من مطابقة مثل هذا التصور بصفة مجملة مع ما يمكن استنتاجه من روايات أبي مخنف (راجع الرسم).
(١) ولا سيما أن اليعقوبي أيد في كتاب البلدان ، ص ٣١٠ ، بما لا يدع مجالا للشك ، الرأي القائل أن كل قبيلة اختطت خططها بحضور قائدها.