ـ جهة الغرب ، من الشمال إلى الجنوب : بجالة وبجلة ، جديلة وجهينة.
الحقيقة أن هذه الصورة للجغرافيا القبلية تفيد من بعض المعلومات التي ذكرتها المصادر الأخرى ، على الرغم من أنها تطرح مشاكل تخص رصف الواجهة الغربية. فسليم مثلا غير بعيدة عن السبخة ، كما جاء في رواية أبي مخنف بخصوص المختار ، والسبخة غير بعيدة عن الفرات (١). وتتجاور ثقيف وهمدان وبجيلة بصورة واضحة جدا (٢) ، اعتمادا لرواية ثورة المختار كذلك.
وكانت تميم تقيم شرقا قبل أن تتحول إلى الغرب. لكن إمعان النظر في أخبار أبي مخنف الخاصة بثورة حجر بن عدي يحمل على الاعتقاد أن هذه القبيلة لم تبتعد كثيرا عن كندة (٣) : هناك انحراف طفيف ... أما بخصوص الجنوب فتتوفر معلومات رواها اليعقوبي (٤) وهي تؤكد وتنكر في آن الترتيب القبلي كما رواه سيف. لكن كتاب اليعقوبي يخلط التغييرات التي طرأت منذ قرنين ونصف القرن ، بروايات قديمة ، متعلقة بالطوبوغرافيا الأولية للكوفة ، ولذا ، يجب الاحتياط عند استعماله. فقد حدد موقع كندة بين جهينة وبني أود (من مذحج ، أي أقرباء النخع) ، وهو ما يطابق مخططنا (٥) ، مع العلم أن أسدا تقع بينهم. ليس هذا الأمر محيرا ، كما أنه غير محير أن يخص بجيلة باقتطاع كبير ، حيث يماثل غلطا بين بجيلة وبجلة واسم بجالة. وعلى النقيض من ذلك ، يحدد اليعقوبي مكان الازد بين بجيلة وكندة ، وكأن الأمر ظاهرة أصلية ، أي في اتجاه الغرب (٦) أو بالركن الجنوبي الغربي (٧) ، أي في موضع أسد. وهو الأمر الذي قد لا يتفق وتصور سيف ، ولا وروايته السابقة ، ولا تؤيده روايات أبي مخنف الذي أفاض في الحديث عن الأزد ، لكن بدون أي تدقيق بخصوص مواضع دورهم. ولم ينج ماسينيون من اللبس والغموض ، على الرغم مما
__________________
(١) الطبري ، ج ٦ ، ص ٢٤.
(٢) الطبري ، ج ٦ ، ص ١٩ و ٤٨.
(٣) الطبري ، ج ٥ ، ص ٢٦٢ ، يقيم بنو العنبر إلى جانب كندة والنخع.
(٤) كتاب البلدان ، ص ٣١٠.
(٥) لو لم يحدد اليعقوبي نفسه مكان الأود في المركز برحبة عليّ ، بصفة استثنائية : كتاب البلدان ، ص ٣١٠ ، لوجب قلب التصور وتحديد موقع مذحج شرقي كندة ، وهذا احتمال لا ينبغي استبعاده بأية صورة كانت. ولذا وضعنا مخططا ثانيا للقبائل (انظر الخارطة).
(٦) ورد خبر عند ابن الكلبي مفاده أن قسما من الأزد أقاموا عند أبناء أختهم من بجلة : ياقوت ، معجم البلدان ، ج ٣ ، ص ٣٧٤.
(٧) نشعر بالضيق عند قراءة ما رواه أبو مخنف عن زيد حيث نستشفّ أن جبانة مخنف (الأزد) لا تبعد كثيرا عن كندة ، إلى الجنوب الغربي : الطبري ، ج ٧ ، ص ١٨٣. وفي هذه الصورة يجب اعتماد المخطط الثاني أو الثالث. وهذان المخططان يتوافقان أكثر من المخطّط الأول مع ما عند أبي مخنف واليعقوبي.