التنجيمي لهذا الملك دفعه إلى القضاء عن ذريته ذاتها. فطرأت أزمة على خلافة الملك ، لكون الذرية مفقودة. لم يكن البيت الساساني مهددا بالزوال فقط ، بل إن الضربة القاضية لحقت بهيبته ، دون أن تتأكد في الاثناء شرعية سياسية أخرى. فتواتر على العرش خلال بضعة أعوام الملوك والمدعون بأحقيتهم في الملك ، إضافة إلى الدسائس والانقلابات والاغتيارات والمقاتل. ولم يبق شيرويه في الحكم خلفا لكسرى سوى ستة أشهر تقريبا ، وخلفه ابنه أردشير وبقي سبع سنوات في الحكم. ثم ساد الغموض بعد ذلك. وما يمكن ذكره من أسماء في هذا الصدد ، اسما : بوران ورستم ، وآخرها يزدجرد الذي توج باصطخر حينما كان الفتح العربي على أشده (١).
ولذا أدى الاضطراب السياسي إلى نشوب أزمة خلافة لا مخرج منها. ومما زاد الطين بلة أن الكوارث الطبيعية نزلت على العراق ، ففاض الفرات ودجلة في سنة ٧ من الهجرة ، واستحال سد الثغرات ونشأت البطائح وكانت مساحات واسعة من الماء الراكد تقع بجنوب موقع الكوفة العتيدة إلى حدود الأبله. وبذلك نزعت مساحة كبيرة كانت صالحة للزراعة وخسرها النشاط الزراعي خسارة دائمة (٢) وعجز كسرى أبرويز عن إيقاف هذه الظاهرة التي استمرت وتفاقمت مع الغزوات العربية.
__________________
(١) الطبري ، ج ٢ ، ص ٢٢٩ ـ ٢٣٤ ؛ الدينوري ، الأخبار الطوال ، ص ١١٠ ـ ١١١.
(٢) البلاذري ، فتوح البلدان ، ص ٢٩٠ ؛ Le Strange, The Lands of Eastern Caliphate, p. ٦٢ ـ ٧٢