كان أكثر استكمالا وأكثر تطورا بالطائف مما كان عليه بمكة. فضلا عن أن الطائف تميزت من مكة بزراعتها الجبلية الغنية (١) ، الأمر الذي حمل قريشا على جعلها تدور في فلكها إلى حدّ ما (٢).
ومن المعلوم أن زيادا كان من ثقيف. وأنه من أكبر المشيدين في البصرة والكوفة (٣). وهذا لا يعني إطلاقا أنه استوحى ذلك من مدينته الأصلية ، لكن لعله احتفظ منها بهذا الميل إلى التمدن يضاف إليه تجربته في فارس. ولنضف : إذا اعتمدت الطائف ، خلافا لمكة ، على الزراعة ، فقد كانت تمارس أيضا التجارة والربا (٤) ، وعلاقتها في ذلك وثيقة بقريش (٥) ، وكانت تساهم في الأسواق مساهمة نشيطة (٦). والطائف مدينة دينية أيضا ومقر لعبادة اللات ، قد كانت أدمجت في نسق الحمس المكي لكن لا يبدو أنها كانت حرما لأن الرسول هو الذي منحها هذه الدرجة في العهد الذي أعطاه لأهل الطائف (٧) ، ولأنها إذا اتخذت سورا فلكي تعد أسباب الدفاع المادية عن كيانها لانعدام الحرمة عنها بالذات.
المدينة :
كانت «المدينة» واحة متنوعة المساكن منتثرتها (٨). ومصدر اسم يثرب (٩) يرجع إلى النواة المدمجة (١٠) التي امتدت إلى المجموع كافة وارتدت بعد ذلك إلى مجرد مكان معروف (١١). ولم يكن المظهر المدني بارزا قبل مجيء الرسول ، ويبدو جيدا أن دوره
__________________
(١) ياقوت ، ج ٤ ، ص ٩ ـ ١٠ ؛ Lammens ,art.» Taif «,E.I. / ١
(٢) فتوح البلدان ، ص ٦٧ ؛ Kister ,ouvr.cit.,p.٩ ..
(٣) لا ننس أن ثقيفا كان لها خطة هامة بالكوفة حيث كانت تقيم ذرية الدمون النسيب المؤسس : معجم البلدان ، ج ٤ ، ص ٨ الذي روى هذا عن ابن الكلبي.
(٤) فتوح البلدان ، ص ٦٧ : «كان أهل الطائف أصحاب ربا». M. Watt, Mahomet a ? la Mecque,. pp. ٧٧١ ـ ٠٨١
(٥) المرجع نفسه ، ص ١٧٨ ـ ١٧٩ ، لا سيما مع مخزوم ، يمكن أن يكون أشد اعتداء تعرض له الرسول قد وقع بعد أن زار الطائف ولأن تشابك المصالح جعل من دعوته خطرا. يشير كيستر إلى ادماج ثقيف في الحمس :) Kister, art. cit., p. ٩ (
(٦) Lammens ,ouvr.cit.,pp.٦٠٢ ff.
(٧) Kister ,art.cit.,p.٦.
(٨) M.Watt ,II ,p.٣١. ؛ وفاء ، ج ١ ، ص ١٩٠.
(٩) تسمية قديمة :.Fr.Buhl ,art.» al ـ Madina «,E.I. / ١.
(١٠) وفاء ، ج ١ ، ص ٨ ـ ١٠. لم نتمكن من الرجوع إلى كتاب أخبار المدينة لعمر بن شبة الذي نشر مؤخرا بالمدينة.
(١١) المرجع نفسه ، ج ١ ، ص ١٩١ وج ٢ ، ص ٧٤٧.