وبقيت همدان وكندة وثقيف وبجيلة ومذحج والأزد وجهينة وتميم وأسد ، في مواقعها الأولى قطعا كما ذكرها سيف ومهما قال ماسينيون (١).
وبما ان الأعشار ـ القبائل أقامت ، بموجب القرعة ، بأماكن قررتها الصدفة ، وبما أن الاختلال العددي الواضح بينهما ظهر من وقت مبكر جدا (٢) ، وجب أن يعاد النظر في هيكلة التنظيم العسكري الجبائي وعقلنته : فظهرت الأسباع التي أقامها عمر (٣) ، وحوّرها علي ، والتي بقيت حتى ولاية زياد. ولم يكن الأمر متعلقا «بمناطق عسكرية» بل بوحدات لتجنيد المقاتلة بإمرة رؤساء ولّتهم السلطة وبوحدات لتوزيع العطاء الذي يسلّم للقادة جملة ، وكانوا يسلّمونه بدورهم إلى العرفاء (٤). الواضح أن الانطلاقة لم تبدأ من المعطيات المكانية ، يعني من توزيع الخطط التي كثيرا ما كانت تتحاور فيها قبائل لا يربط بينها ماض مشترك في سكنها السابق وكانت متباعدة جدا ، في عملية إنشاء الأسباع. فحصل التجميع ، بمقتضى علاقات النسب. كان المقصود من ذلك المحافظة على التلاحم في التجنيد والقتال وبالتالي فإن السبع لم يحقق جوارا أو أي تقارب مكاني إلا في بعض الأحيان وفي بعض الأماكن : ربما في الجبّانات أو خارج الكوفة في «نقط التجمع» بالنسبة للكوفة (٥). على أن مؤثرات هذا الأمر على جغرافيا الخطط لم تكن في رأينا منعدمة ، ولا سيما أن القبائل الكبرى قد عملت أحيانا على جذب قبائل صغرى قريبة النسب وضعيفة العدد ، فترجم الانتساب إلى السبع ذاته عن طريق الاندماج في الخطة مكانيا. ولنذكر على سبيل المثال كندة وحضرموت (٦) وهمدان وحمير (٧) وتميم وهوازن.
كانت الخطة تعني تضامنا بشريا واعيا حيا يستمر فيه ويدوم الكيان القبلي القديم ، وذلك باعتماد القبيلة في واقع الأمر ، لكن السبع كان تصورا مؤسساتيا حافظ لا محالة على صلات الدم الأكثر اتساعا. وفي عهد زياد أدخل الربع (٨) تبسيطات أقوى مما كان للخارطة القبلية لأسباب سياسية ، فكان يجاور بين مجموعة قبلية متشاحنة (تميم وهمدان وأيضا كندة
__________________
(١) Massignon ,art.cit.,p.٤٤.
(٢) الطبري ، ج ٤ ، ص ٤٨.
(٣) المرجع نفسه ، ج ٤ ، ص ٤٨ ؛.Massignon ,p.٤٤ لكن المؤكد أن السبع السابع الناقص لا يخصّ طيئا ، إنه يخصّ بكرا.
(٤) المرجع نفسه ، ج ٤ ، ص ٤٩.
(٥) Massignon ,p.٩٣ ؛ وراجع لا حقا.
(٦) الطبري ، ج ٤ ، ص ١٣٢.
(٧) المرجع نفسه ، ج ٦ ، ص ٢٤٧.
(٨) الطبري ، ج ٤ ، ص ٤٨ وج ٥ ، ص ٢٦٨.