هي النتائج الدقيقة الجديرة بالتسجيل على خارطة للكوفة؟ وما هي الحقائق الجغرافية الطوبوغرافية الواجب وضعها؟
ولنوجز القول : توجد بكر في الجنوب الشرقي ، وتقع السبخة في الشرق تماما وتتقدم إلى الشمال ، ويوجد الجسر في الشمال الشرقي بموقع خارج المدينة ، وتقع دار الرزق أبعد من ذلك ؛ هذه أمور مفروغ منها أو تكاد. لكن لنتقدم في مجال النسقية والدقة.
١) يمكن التمييز بين الكوفة بالمعنى الدقيق ـ المركز والحزام السكني ـ وبين امتداداتها المباشرة التي كان من المفروض أن تكون خارج السور ، لو كان هناك حرم : السبخة والجسر ودار الرزق والإيوان ومسجد شبيب الجديد.
٢) يبدو هذا البلد بالذات كثيف العمران وتشكل الدور المتلاصقة جدارا لا يمكن تجاوزه بالنسبة للأطراف ، وذلك لتلاحمها وامتدادها دون انقطاع (١) ، فلا يمكن دخول الكوفة إلا عبر السكك. كان الأمر واضحا بخصوص مصعب ، وهو أكثر وضوحا بخصوص شبيب. والمفهوم من ذلك السكك التي شكلت خطا مستمرا للدخول ، فكانت إما بقايا للشبكة الأولى ، وإما سككا جديدة. لكن السكك الثانوية كانت تلعب أيضا دورا معينا.
٣) إن التحكم في أفواه السكك أصبح عنصرا أوليا فعالا دائما للدفاع. واعتقادنا أنه لم يكن يوجد أي جهاز تحصيني بهذه المداخل ، كالأبراج وغيرها ، فكان المدافعون يجثمون على سطوح الدور أو يكمنون بمداخل السكك (٢). وإذا كانت كلمة «أفواه» تعني من جهة أخرى وقبل كل شيء كل نقط الدخول للطرق الرئيسة ، فإنها تعني أيضا الطرق الثانوية التي تصب في الأولى. وإذا اقتحم المهاجمون طريقا كبرى لا يلبث أن يظهر المدافعون (٣) من «أفواه» أخرى وبذا كانت السكك تشق كل طريق ـ فهل كانت تقطعها قطعا تعامديا أم قطعا مائلا؟ إنه لأمر يؤثر على تخطيط المدينة كما هو متصور. إن التخطيط على شكل رقعة غير مرفوض بل بالعكس. لقد أصبح قابلا للتصور أكثر فأكثر ، كما أنه صار محل تصديق ، لكن لا يوجد أدنى يقين في هذا الموضوع. ومن المعلوم أن سيفا تحدث عن سكك ثانوية كانت محاذية للسكك الرئيسة ثم إنها «تلتقي» بها (٤). فكيف كان يتم هذا الاتصال؟ هل
__________________
(١) حاصر الشاميون زيد بن علي في دار الرزق. فأراد الاستناد إلى الحيطان» للقتال من جهة واحدة. ويميل السياق إلى تأكيد وقوع العملية قرب أقصى دور الكوفة ، لا بأحد حيطان دار الرزق : أنساب الأشراف ، ج ٣ ، ص ٢٤٩.
(٢) الطبري ، ج ٦ ، ص ٢٧٠.
(٣) الطبري ، ج ٦ ، ص ٢٧٠.
(٤) انظر ما سبق.