ملكا ، وقد كان حفيدا لكسرى أبرويز وأنهيت وصاية بوران ، وسلمت قيادة الجيش الموحدة إلى رستم. ووازن هذا التأهّب الفارسي من أجل المواجهة الحاسمة ، المسيرة الطويلة التي قادها سعد بن أبي وقّاص ، من المدينة إلى القادسية ، وتنظيم جيش عربي جديد تحت قيادته.
المسيرة العربية إلى العراق والتوطئة لوقعة القادسية
(محرم ١٤ ـ رجب ١٥)
إن فكرة كايتاني الرئيسية هي أن عمرا لم يكن يقدر حقا على أن يأخذ على عاتقه القضية العراقية إلا بعد أن يكون قد حسم الأمر مع البيزنطيين في اليرموك (رجب ١٥ / أغسطس ٦٣٦) (١). لكن هذا تأريخ مردود إذ يفسح وقتا قصيرا جدا لسعد لكي يجمع جيشا يعد ثلاثين ألف رجل. فلا موجب لإبداء الشك في الأرقام التي ذكرها سيف ، ولا للتقليل من أهمية المعركة ذاتها. يذكر كايتاني أن عمرا لم يكن ليقدر على «تقسيم قواته» ، لكن لم تكن هناك فوات لكي تقسم ، ذلك أننا لا نجد المادة البشرية نفسها هنا وهناك ، في الشام والعراق. إن تزامن العمل هو إحدى خاصيات الفتح العربي (مع استثناء تنقل صغير من الشام إلى العراق والعكس) وقد سبق ليوسف في بحث نشر منذ ثلاثين سنة ، أن لا حظ أن بطء مسيرة سعد كان يفترض مسبقا مدة طويلة فأرخ قرار عمر بداية سنة ١٣ ه (٢).
الواقع أن عمر لم يحتج إلى أن يترقب معركة اليرموك للعودة إلى الهجوم على العراق ، ذلك أن عزمه على مواجهة الفرس كان واضحا من قبل ، حيث حثّ بجيلة وعربا آخرين من قلب الجزيرة على الهجرة. ولم يكن ليلقي بسعد في المغامرة النهائية بكل تأكيد قبل ظهور نتيجة إيجابية في واقعة البويب ، أي قبل محرم من سنة ١٤ ه أو ذي الحجة ١٣ ه / فبراير ـ مارس ٦٣٥ م.
ومما يدل على ذلك أن عمر اختار صحابيا قرشيا كبيرا مكلفا بجمع الجباية الشرعية من هوازن وهو سعد بن أبي وقاص (٣) لقيادة المجابهة الكبرى مع العلم بأن هوازن كانت مع أهل الردة (٤). الواقع أن مسيرة سعد بين المدينة والقادسية ، مرورا بصرار وزرود ،
__________________
(١) Caetani ,Annali ,p.٢٣٦.
(٢).» The Batle of Quadisiyya «, Islamic Culture, ٩١) ٥٤٩١ (, p. ٨٢ لكنه جارى كايتاني في بداية الأمر.
(٣) يبدو أن أبا بكر هو الذي ولّاه على صدقات هوازن في نجد : الطبري ، ج ٣ ، ص ٤٨٢.
(٤) الطبري ، ج ٣ ، ص ٢٦١ وما بعدها ؛ البلاذري ، فتوح البلدان ، ص ١٠٤ ، يذكر غطفان ، وفزارة ، وعبس وذبيان. لكن إلى أي حد تمثل هوازن قبيلة معينة بدل أن تكون نسبا يشمل عدة قبائل ، منها عامر بن معصمة وسلول وغيرهما ... : الجمهرة ، ص ٢٦٠ وما بعدها.