اليمنية من قيس ومضر وربيعة؟ لقد سبق أن أشرنا إلى جبانتين فقط كانتا ملك قبائل الشمال ، أثير وسالم ، من بين الجبانات وتطلق عليها تسمية جبانة تارة وصحراء طورا ، في حين أن جبانة عرزم بقيت غامضة الأصل. فضلا عن أن الصحاري الصرف التي ليس لها من اسم سوى اسم صحراء كانت كلها ملكا لمضر وقيس وربيعة ، ولا يملك اليمنية شيئا منها. كان عددها خمسة باستثناء صحراء أم سلمة التي أنشأها العباسيون :
ـ صحراء شبث (١) : تميم.
ـ صحراء البردخت (٢) : ضبة.
ـ صحراء بني قرار (٣) : ضبة.
ـ صحراء عبد القيس (٤) : ربيعة.
ـ صحراء بني عامر (٥) أو على الأصح بني جعفر بن كلاب : عامر بن صعصعة (قيس).
لعل الأمر يتعلق ببديل عن الجبانة اليمنية وتقليد لها ، مع اللجوء إلى استعمال اسم ورد من شمال بلاد العرب. أو أنها كانت مؤسسة ، بالمعنى الواسع ، قبلية عربية متجذرة في العصر الجاهلي وانتقلت إلى الكوفة. وتعرف المعاجم الصحراء بأنها «الأرض المنبسطة والفضاء الواسع لا نبات فيه» (٦). كانت الأرض العراء حقا والقاحلة ، لكن يبدو أنها لم تكن الصحراء الكبرى (الفيافي) المفتوحة والخلاء الشاسع. ولم تستخدم هذه الكلمة أيضا دلالة عن الأراضي التي في وضعية ما بين السباسب والفيافي من بلاد العرب أو مما يقع بين العراق وبلاد العرب ، حيث كانت تستخدم كلمتا بادية وبر (٧). وعند الاقتضاء يمكن التساؤل عما إذا لم يكن التعريف المدرج مستمدا من الخبرة العربية في الأمصار ، التي كانت حضرية محضة ، وعما إذا لم يتعلق الأمر بفسحات خالية هيئت داخل النسيج الحضري وكانت محدودة ظرفية؟ إنها لم تكن متسعة إلا بالنظر لمجموعة المساحات الصغيرة الموجودة في
__________________
(١) فتوح البلدان ، ص ٢٨٣.
(٢) المرجع نفسه ، ص ٢٨٠. أخذ عنه ابن الفقيه : ص ١٨٣.
(٣) الطبري ، ج ٧ ، ص ١٨٢ ؛ مقاتل ... ص ١٣٦.
(٤) البراقي ، ص ١٢١ وما بعدها.
(٥) ابن سعد ، ج ٦ ، ص ٣٣.
(٦) ابن منظور ، لسان العرب ، ج ٤ ، ص ٤٤٣.
(٧) المسعودي ، مروج ، ج ٢ ، ص ٢٤٦ وما بعدها. لا يستعمل أبدا كلمة صحراء في هذا الفصل المخصص لخصال الحياة البدوية ، في الصحراء.