عام ١٥ ه) والقادسية أو على الأكثر أن نقبل فارقا ضئيلا لا يمكن أن يتجاوز شهرا (١). وقد تسمى أحد أيام القادسية بيوم أغواث ، مذكرا بالنجدات التي وردت من الشام بعد معركة اليرموك (٢).
وسواء أكان قيس بن مكشوح أول القادمين ، أم هاشم بن عتبة ، أم القعقاع بن عمرو فذلك لا يهم إلا قليلا ، كما أنه لا يهم إلا قليلا أن نعرف أن الامداد من مقاتلة اليرموك وصلوا قطعة واحدة خلال المعركة ، أم أنهم توافدوا جموعا متوالية أو فورا بعد القادسية لما انتهى كل شيء (٣). وبالفعل فإن الروايات مختلفة في هذا المقام. ورغم الفارق الكبير الذي صدر عن مدرسة أهل المدينة يسود الشعور بوجود تزامن تقريبا بين وقعة اليرموك ووقعة القادسية مع تأخر طفيف لمعركة القادسية ، وهذا يفسر في آن واقع الامداد والاضطراب الذي ساد الرواية التاريخية بصددها. فإذا وقعت حرب اليرموك في رجب سنة ١٥ ه / أغسطس ٦٣٦ م ، فلا مراء أنه يجب تأريخ حرب القادسية في ذات التاريخ أو بعد شهر من ذلك ، أي في شعبان من سنة ١٥ ه (٤). وتتكاثر الحجج المؤيدة لهذا الاختيار والمتمثلة في ضعف الامداد وفي الإشارة إلى أن العرب أقاموا وسيطروا على السواد طيلة ثلاثة أعوام (٥). ويفيد خبر آخر أنه مرت مدة زمنية تقدر بثمانية عشر شهرا تفصل بين معركة البويب وحرب القادسية ، وأخيرا هناك منطق الأحداث (اختيار عمر لوقت الغزو ، ومسيرة سعد ، ومرحلة الانتظار بالقادسية) ، وقد تضافرت كل هذه الأمور على تأييد هذا التسلسل الزمني الاجمالي (٦).
__________________
(١) سيف كما روى عنه الطبري ، ج ٣ ، ص ٥٤٢ ـ ٥٤٣ ، الذي يصرّح بفارق شهر بين احتلال دمشق والقادسية ، مقترحا تزامنا مع وقعة اليرموك. وفي هذا الصدد لا مجال للحديث إلّا على الاستيلاء الثاني على دمشق. وقد ورد بقصائد كثيرة ذكرها الدينوري ص ١٢٤ ـ ١٢٥ ، منها قصيدة منسوبة إلى قيس بن هبيرة ، فارق شهر بصورة واضحة. ونسب البلاذري ، ص ٢٦١ ، القصيدة ذاتها إلى قيس بن مكشوح ، نقلا عن خبر لهشام بن الكلبي.
(٢) الحقيقة أن كلمة أغواث لم توجد سوى في روايات سيف وفي المقاطع الشعرية التي أوردها الطبري ، ج ٣ ، ص ٥٤٥.
(٣) خاضت مصادر الفقه في الموضوع ؛ راجع أيضا قصيدة لبشر بن أبي ربيعة ، وردت في الأخبار الطوال ، للدينوري ، ص ١٢٥ ، بخصوص حضور هاشم وقيس.
(٤) ابن حبيش ، كتاب الغزوات ، مخطوطة القاهرة ، ورقة ٢١٦ وما بعدها ، يذكر سيفا مفصلا ويبدو أنه اطلع على كتابه ، وهو يؤرخ وقعة القادسية في شوال سنة ١٥ ه. وقد أورد تأريخا قريبا من تأريخنا بالنسبة لمجموع المعارك.
(٥) الطبري ، ج ٣ ، ص ٥٣٢.
(٦) الأمر المسلم به الذي لا يتفق وتأريخنا والذي اعتمده كايتاني ، هو فارق سنة الذي فصل به أبو مخنف بين معركة الجسر ومعركة البويب. وقد اقترح Elias de Nisibe تاريخ جمادى الأولى سنة ١٦ ه / يونيو ٦٣٧ م ، وجاراه Wellhausen في هذه النقطة :.Skizzen ـ ـ ـ ,VI ,p.٣٧