طرف أبي عبيدة (١). وورد بخبر آخر أن ٧٠٠ رجل فقط بلغوا القادسية (٢). وكان قيس بن مكشوح حاضرا أو أنه كان غائبا حسب الظرف ؛ وهناك خبر ملحّ ورد مرارا مفاده أن المساعدات وصلت متأخرة لكنها حصلت على نصيبها من الغنيمة رغم ذلك.
ومن الممكن أن سيفا ومخبريه من أهل العراق ، مجدوا أكثر مما يجب ، دور القعقاع وهو أحد قادة بعوث اليرموك الذي أصبح مدربا للجيش العربي كافة. فكان يوجد في كل مكان ، ويقود أعمالا ظرفية ، وهو الذي دشّن تكتيك الدفاع المتمثل في دائرة الخيل المحيطة بنواة من الجمال وهو الذي قتل الجالينوس ، وتولى فعلا قيادة العمليات آخر الأمر (٣). لكن لا نجد له أثرا في روايات الواقدي المدنية.
ج) كان يوم عماس أقسى يوم على العرب. تحصل الفرس على النجدات في حين أن دعم هاشم لم يكن إلا رمزيا (٤) وظهرت الفيلة من جديد فتحتم قتلها هذه المرة. تذكر لنا المصادر وقوع حركة تطويق في أحد ممرات العتيق. كان عملا جسورا أنفذه طليحة وعمرو بن معديكرب لكن من الصعب إدراك تأثيراته على المعركة في مجموعها (٥).
والأمر الأساس أن المعركة استمرت كامل الليلة ـ ليلة الهرير ـ حيث توقع العرب أن يشن الفرس هجوما عاما ، فقاموا بزحف كامل ، مستبقين أوامر سعد ، وبالكاد متخطين لأوامره (٦). فكانت لهم الغلبة في فجر ليلة القادسية ، لكن مسعاهم لّما يكلل بالنصر ، إذ كان عليهم أن يتجلدوا ساعات أخر ، ويقاوموا ويجالدوا حسما للأمر لصالحهم.
د) وقد تم لهم ذلك في صبيحة وقعة القادسية. قتل رستم فانهار الجيش الفارسي انهيارا تاما. ودار التقتيل والإغراق في نهر العتيق. ولم ينجح في التقهقر بانتظام إلى المدائن سوى جمع محدود العدد ، لكن حتى ذا الحاجب الذي كان يقود هذا الفريق أمكن اللحاق
__________________
(١) الطبري ، ج ٣ ، ص ٥٤٣ ؛ البلاذري ، فتوح البلدان ، ص ٢٥٦. وقد أورد كايتاني رواية اليعقوبي التي لم تكن سوى نقل لرواية سيف : ج ٣ ، ص ٦٤٥. ولم يرد عدد المقاتلين لدى الدينوري ، الأخبار الطوال ، ص ١٢٠.
(٢) الطبري ، ج ٣ ، ص ٥٥١ ؛ يتحدث سيف ، ص ٥٤٣ ، عن ١٠٠٠ رجل دون أن نعلم هل يقصد بذلك ١٠٠٠ مقاتل في الجملة ، وصل منهم ٧٠٠ في بداية الأمر ، أو أنه قدم ١٠٠٠ ثم ٧٠٠ رجل ؛ البلاذري ، ص ٢٥٧ ، يذكر رقم ٧٠٠ رجل بقيادة قيس بن مكشوح الذي جاء لانقاذ الوضع.
(٣) الطبري ، ج ٣ ، ص ٥٤٧ وغيرها.
(٤) روي أن هاشما جاء يوم عماس برفقة قيس بن مكشوح في حين أن القعقاع سبقهما.
(٥) الطبري ، ج ٣ ، ص ٥٥٧ ـ ٥٥٨ نقلا عن سيف.
(٦) الطبري ، ج ٣ ، ص ٦٥١ ؛ البلاذري ، فتوح البلدان ، يعترف أن ليلة الهرير بالقادسية كانت نموذج ليلة الهرير بصفين : ص ٢٥٩. ويرى كايتاني خلافا لذلك ، أن الأمر اسقاط يعود من المستقبل على الماضي Caetani Annali ,III ,٢ ,p.٦٤٦ ff.