تأريخ الاستيلاء على جلولاء في ذي القعدة ١٦ / ديسمبر ٦٣٧ (١). وبالفعل ، يتفق الواقدي وسيف ، حسب الطبري كما حسب البلاذري ، على أن تاريخ وقعتي المدائن وجلولاء يقع في سنة ١٦ ه (٢). وبذلك يكون تحديد التاريخ في سنة ١٩ كما جاء عند الواقدي وذكره كايتاني ، غير مقبول اطلاقا (٣). لا شك أنه ينبغي تأخير الاستيلاء على المدائن ، كما ورد عند سيف ، بضعة شهور كي تتسق سلسلة الأحداث طبق الصورة التي وردت عند المؤرخين. وعلى ذلك يبدو لنا تأريخ الاستيلاء على المدائن في جمادي سنة ١٦ / يونيو ٦٣٧ ، حسب ما قرّره كايتاني قريبا إلى المعقول كل القرابة (٤).
تقدم العرب على الطريق الرابطة بين الحيرة وبابل ، فالمدائن ، فالنهروان ، ثم جلولاء في اتجاه حلوان والري. وكان لا بدّ من عبور الفرات وسورا ودجلة. نحن هنا في قلب بلاد بابل ، أي في قلب السواد أو تربة الفرات ، حيث تجري قنوات جانبية كثيرة رابطة بين دجلة والفرات في اشتباك مكثّف (٥). كانت تربة غنية عامرة بالفلاحين الخاضعين للدهاقين ، وقد سبق أن اختار أكثر هؤلاء حلا للتعايش مع الغالب ، وفرّ الفلاحون أمام التقدم العربي. كان هذا التقدم إلى المدائن مصحوبا بغارات وقعت بين دجلة والفرات ، وروي أن ٠٠٠ ، ١٠٠ من الفلاحين وقعوا أثناءها في الأسر ، في حين تحدثت المصادر وألحت في الحديث عن هروب الفلاحين (٦). أما القيادة فهي دائما بيد سعد في أعلى مستوى ، نائبه فيها هاشم بن عتبة ابن أخيه وقد عوض في هذا المنصب خالد بن عرفة الذي عيّن قائدا للمشاة (٧). ولم تتضمن كوكبة القادة التي أحاطت بسعد وهاشم ، قادة الردة ، ولكنها اشتملت على ثلاثة رجال رئيسيين هم زهرة بن الحوية قائد الطليعة ، وعبد الله بن المعتّم ، وشرحبيل بن السمط. وقد
__________________
(١) فتوح البلدان ، ص ٢٦٥ ؛ الطبري ، التاريخ ، ج ٤ ، ص ٣٢ ؛ Skizzen ـ ـ , VI, p. ٣٧; Caetani, Chronog ـ rafia. Islamica, I, p. ٠٩١; Hill, Termination of Hostilities ـ ـ ـ , p. ١١١
(٢) فتوح البلدان ، ص ٢٦٣ : «قال الواقدي : كان فراغ سعد من المدائن وجلولاء في سنة ست عشرة» ولا يقترح ابن اسحاق تأريخا ضمن الرواية التي ذكرها الطبري ، ج ٣ ، ص ٥٧٠ ـ ٥٧٩ ، والبلاذري.
(٣) Annali ,III ,٢ ,p.٧١٧ ، حيث نستغرب نسبته تأريخ وقعة جلولاء في ١٦ ه ، إلى ابن اسحاق ، وإلى الواقدي تحديد تأريخها في ١٩ ه.
(٤) Caetani ,Chronografia Islamica ,I ,p.٠٩١.
(٥) Le Strange, The Lands of Eastern Caliphate, p. ٠٣.
(٦) الطبري ، ج ٤ ، ص ٥ ، وقيل ان ذلك وقع خلال الحصار المضروب على بهرسير في حين أن العرب كانوا يغيرون على المناطق الموجودة بين الفرات ودجلة.
(٧) الطبري ، ج ٣ ، ص ٦١٩. وروى البلاذري خبرا لعوانة مفاده أن خالدا كلف بالاستيلاء على ساباط : فتوح البلدان ، ص ٢٦٣. وكان خالد قائدا بالنيابة في معركة القادسية وحليفا لزهرة ، عشيرة سعد : ابن سعد ، الطبقات ، ج ٢ ، ص ٢١.