الآية ومن الثاني عدم امكان التياسر إذ تحققه موقوف على تحقق الجهة التي يتياسر عنها ثم يلزم من تحقق هذا الاشكال تنزيل التياسر على التأويل أو التوقف فيه حتى يوضحه الدليل.
وهذا الاشكال مما لم تقع عليه الخواطر ولا تنبه له الاوائل والاواخر ولا كشف عن مكنونه الغطاء لكن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء وفرض من يقف على فوائد هذا المولى الاعظم من علماء الانام ان يبسطوا له يد الانقياد والاستسلام وان يكون قصاراهم التقاط ما يصدر عنه من جواهر الكلام فانها شفاء انفس الانام وجلاء الافهام غير انه ـ ظاهر الله جلاله ولا أعدم اولياء فضله وافضاله ـ سوغ لي الدخول في هذا الباب واذن لي ان اورد ما يحضرني في الجواب ما يكون صوابا أو مقاربا للصواب.
فأقول ممتثلا لامره مشتملا ملابس صفحه وعفوه انه ينبغي أن يتقدم ذلك مقدمة تشتمل على بحثين.
الاول لفقهائنا قولان : أحدهما ان الكعبة قبلة لمن كان في الحرم ومن خرج عنه والتوجه إليها متعين على التقديرين فعلى هذا لا تياسر أصلا والثاني انها قبلة لمن كان في المسجد والمسجد قبلة لمن كان في الحرم والحرم قبلة لمن خرج عنه وتوجه المصلي على قول هذا القائل من الآفاق ليس إلى الكعبة حتى ان استقبال الكعبة في الصف المتطاول متعذر لأن عنده جهة كل واحد من المصلين غير جهة الآخر إذ لو خرج من وجه كل واحد منهم خط مواز للخط الخارج من وجه الآخر لخرج بعض تلك الخطوط عن ملاقاة الكعبة فحينئذ يسقط اعتبار الكعبة بانفرادها في الاستقبال ويعود الاستقبال مختصا باستقبال ما اتفق من الحرم.
لا يقال هذا باطل بقوله تعالى ـ فول وجهك شطر المسجد الحرام ـ و