لأنا نقول : تلك حصولها سهل بأوائل الأدلة ، وهي عقائد مضبوطة ، وليس كذلك الفقه وحوادثه ، لانتشارها ، وانفراد كل مسألة منها بدليل [ على ] حياله.
واحتجوا لذلك أيضا : بقوله : « فاسألوا أهل الذكر ان كنتم لا تعلمون » (١)
ويمكن أن يقال : سلمنا وجوب السؤال ، ولكن لا نسلم وجوب العمل.
واحتجوا أيضا : بقوله تعالى : « فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون » (٢).
ولقائل أن يقول : الانذار مما يوجب الحذر لكن قد يكون باعثا على النظر في الأدلة ، فلم لا يجوز أن يكون هو المراد؟!
واحتج المانعون بوجوه :
الاول : قوله تعالى : « وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون » (٣) ، و « لا تقف ما ليس لك به علم » (٤) ، و : « ان الظن لا يغني من الحق شيئا » (٥)
وثانيها : أنه عمل بما لا يؤمن كونه مفسدة ، فيكون قبيحا ، لأن المفتي جائز الخطأ ، فكل ما يفتي به يجوز أن يكون مخطئا فيه ، فيكون الاقدام على العمل ، على ما لا يؤمن كونه مفسدة ، وقبح ذلك ظاهر.
وثالثها : لو جاز التقليد في الشرعيات ، لجاز في ( العقليات ) (٦) ، والثاني
__________________
١ ـ الانبياء / ٧.
٢ ـ التوبة / ١٢٢.
٣ ـ البقرة / ١٦٩.
٤ ـ الاسراء / ٣٦.
٥ ـ يونس / ٣٦.
٦ ـ في نسخة : القطعيات.