وكذا إذا حكمنا بانتفاء واقعة ، لو وقعت لعلمت ، مثل انكار مدينة قريبة لم يسمع ببنائها ، أو وقوع حادثة في ملأ ولم تسمع منهم ، فانا نحكم بانتفاء ذلك كله ، لأن ذلك مما لو كان لظهر ، فلما لم يظهر ، دل ذلك على عدمه.
وأما قوله عليهالسلام : « واليمين على من أنكر » فانا نقول : لا نسلم أن القول قوله من غير حجة ، بل الحجة معه بتقدير عدم البينة من طرف المدعي ، وذلك انه إذا ادعى عليه عينا فانها تكون في يده ، واليد دلالة [ على ] الملك ، فكان الحكم باليد لا بعدم البينة بمجرده ، وان ادعى عليه دينا ، فالاصل براءة الذمم ، فهو مستدل بالاصل على أن ايجاب اليمين عليه يجرى مجرى الحجة في جنبه شرعا ، وذلك مما يدل على أنه لم يثبت قوله بعدم البينة ، إذ لو ثبت ثبوتا باتا [ تاما ] لما كلف [ اليمين ].
وإذا ثبت هذا ، فاعلم : أن الاصل خلو الذمة عن الشواغل الشرعية ، فإذا ادعى مدع حكما شرعيا ، جاز لخصمه أن يتمسك في انتفائه بالبراءة الاصلية ، فيقول : لو كان ذلك الحكم ثابتا ، [ لكان ] عليه دلالة شرعية ، لكن ليس كذلك فيجب نفيه ، ولا يستمر (١) هذا الدليل الا ببيان مقدمتين :
احداهما : انه لا دلالة عليه شرعا ، بأن ( نضبط ) (٢) طرق الاستدلالات الشرعية ، ونبين عدم دلالتها عليه.
والثانية : أن ( نبين ) (٣) أنه لو كان هذا الحكم ثابتا لدلت عليه احدى تلك الدلائل ، لأنه لو لم يكن عليه دلالة ، لزم التكليف [ بما لا طريق للمكلف الى
__________________
١ ـ كذا في النسخ ولعل الصحيح : ولا يتم.
٢ ـ في نسخة تضبط.
٣ ـ في نسخة : أن يتبين.