بطلان ذلك ظاهر.
احتج الخصم :
بأن ( النفي ) (١) عدم ، والعدم لا يفتقر الى الدلالة.
وبأن اثبات الاحكام موقوف على ثبوت الأدلة ، فيكون عدمها مستندا الى عدم الأدلة ، كما أن المعجز دلالة على النبوة ، وعدمها دليل على عدم النبوة ، ويؤيد ذلك قوله عليهالسلام : « البينة على المدعي واليمين على ( من انكر ) (٢) ».
والجواب :
قوله : النفي عدم. قلنا : هذا صحيح ، لكن الجزم بذلك النفي هو المفتقر الى الدلالة.
قوله : اثبات الاحكام يفتقر الى الدلالة ، فيكفي في نفيها عدم الدلالة. قلنا : هذا محض الدعوى ، فما الدليل عليه؟ فان من علم دليل الثبوت جزم به ، ومن عدمه فانه يجوز ثبوت الحكم كما يجوز عدمه ، إذ عدم الدليل لا يدل على عدم المدلول كما يدعيه.
قوله : عدم المعجز دليل على عدم النبوة. قلنا : لا نسلم ، فان من لا يعلم معجز النبي ، لا يجوز له الجزم بنفي ( نبوته ) (٣) ، أما إذا ادعى النبوة ولا معجز له ، فانا ننفي ( نبوته ) (٤) لا لعدم المعجز ، [ بل ] لعلمنا عقلا أنه لو كان نبيا لكان له معجز ، فنستدل بعدم اللازم على عدم الملزوم ، وذلك من الأدلة القاطعة ، فكان مستند الحكم بانتفاء ( نبوته ) (٥) إلى ذلك الدليل ، لا إلى مجرد عدم المعجز
____________
١ ـ في نسخة : المنع.
٢ ـ في نسخة : المنكر.
٣ و ٤ و ٥ ـ في نسخة : ثبوته.