عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى ، عن جعفر بن محمّد بن عبيدالله ، عن عبدالله بن ميمون القدَّاح ، عن أبي عبدالله عليهالسلام « قال : مرَّ أمير المؤمنين عليهالسلام بكربلاء في اُناس من أصحابه فلمّا مرَّ بِهَا اغْرَوْرَقَت عَيناهُ بالبكاء ، ثمَّ قال : هذا مناخُ رِكابهم وهذا مُلْقىُ رِحالُهم ، وهنا تُهْرَق دِماؤهم ، طوبى لك من تُربة عليك تُهرقُ دِماء الأحبَّة ».
١١ ـ حدَّثني أبي ، ومحمّد بن الحسن ، عن الحسن بن متّيل ، عن سهل بن زياد ، عن عليّ بن أسباط ، عن محمّد بن سِنان ـ عمّن حدّثه ـ عن أبي عبدالله عليهالسلام « قال : خرج أمير المؤمنين عليٌّ عليهالسلام يَسيرُ بالنّاس حتّى إذا كان مِن كربلاء على مَسيرَة مِيل أو مِيلين تقدَّم بين أيديهم حتّى صار بمصارع الشُّهداء ، ثمَّ قال : قبض فيها مائتا نَبيٍّ ومائتا وَصيٍّ ومائتا سبطٍ ، كلّهم شُهداء بأتباعهم ، فطاف بها على بَغلَتِه خارجاً رِجله من الرِّكاب فأنشأ يقول : مَناخ رِكاب ومَصارعُ الشُّهداء ، لا يسبقهم من كان قبلهم ولا يلحقهم مَن أتى بعدهم » (١).
__________________
١ ـ ذكر ابن أعثم الكوفيّ المتوفّى ٣١٤ في كتابه المعروف بـ « الفتوح » في ذكر مسير عليّ بن أبي طالب عليه السلام إلى صفّين كلاماً طويلاً ـ إلى أن قال : ـ « ثمَّ سار حتّى نزل بدير كعب فأقام هنالك باقي يومه وليلته. وأصبح سائراً حتّى نزل بكربلاء ، ثمَّ نظر إلى شاطيء الفرات وأبصر هنالك خَيلاً ، فقال : يا ابن عبّاس أتعرف هذا الموضع؟ فقال : لا يا أمير المؤمنين ما أعرفه ، فقال : أما! إنّك لو عرفته كمعرفتي لم تكن تجاوزه حتّى تَبكي كبكائي ، قال : ثم بكى علي عليه السلام بكاء شديدا ، حتى اخضلّت لحيته بدموعه وسالت الدموع على صدره ، ثمّ جعل يقول : أواه! ما لي ولآل أبي سفيان! ثمّ التفت إلى الحسين عليه السلام فقال : أصبر ابا عبدالله! فلقد لقي أبوك منهم مثل الّذي تلقى مِن بَعدي.
قال : ثمَّ جعل عليٌّ عليه السلام يجول في أرض كربلاء كأنّه يطلب شيئاً ، ثمّ نزل ودعا بماء فتوضّأ وضوء الصّلاة ، ثمّ قام فصلّى ما شاء أن يصلّي ، والنّاس قد نزلوا هُنالك من قرب نِينَوى إلى شاطىء الفرات ، قال : ثمّ خفق برأسه خفقة فنام وانتبه فزعاً فقال : يا ابن عبّاس ألا اُحدِّثك بما رأيتُ السّاعة في منامي؟! فقال : بلى يا أمير المؤمنين ، فقال : رأيت رجالاً بيض الوجوه ، في أيديهم أعلام بيض ، وهم متقلّدون بسيوف لهم ، فخطّوا حول هذه الأرض خطّة ، ثمَّ رأيت هذه النّخيل وقد ضربت بسعفها الأرض ، ورأيت نَهراً يجري بالدَّم العبيط ، ورأيت ابني الحسين و