« نسطور » الَّذي علّم النّصارى أنَّ عيسى المسيح ابن الله ، وقال لهم : هم ثلاثة ، ونحو فرعون موسى الَّذي قال : أنا رَبُّكم الأعلى ، ونحو نمرود الَّذي قال : قهرتُ أهل الأرض وقتلتُ مَن في السَّماء ، وقاتل أمير المؤمنين ، وقاتل فاطمة ومحسن ، وقاتل الحسن والحسين ، فأمّا معاوية وعَمرو (١) فما يطمعان في الخلاص ، ومعهم كلُّ من نصب لنا العّداوة ، وأعان علينا بلسانه ويده وماله ، قلت له : جعلت فداك فأنت تسمع ذا كلّه لا تفزع؟ قال : يا ابن بُكير إنَّ قلوبنا غير قلوب النّاس ، إنّا مطيعون مصفّون مصطفون ، نرى ما لا يرى النّاس ، ونسمع ما لا يسمع النّاس ، وأنّ الملائكة تنزل علينا في رِحالنا ، وتتقلّب في فُرُشنا ، وتشهد طعامنا ، وتحضر موتانا ، وتأتينا بأخبار ما يحدث قبل أن يكون ، وتصلّي معنا ، وتدعو لنا وتلقى علينا أجنحتها ، وتتقلّب على أجنحتها صبياننا ، وتمنع الدَّوابِّ أن تصل إلينا ، وتأتينا ممّا في الأرضين مِن كلِّ نباتٍ في زَمانه ، وتسقينا مِن ماء كلِّ أرض نجد ذلك في آنيتِنا ، وما مِن يوم ولا ساعةٍ ولا وقت صَلاةٍ إلاّ وهي تتهيّأ لها (٢) ، وما مِن لَيلة تأتي علينا إلاّ وأخبار كلّ أرض عِندنا ، وما يحدث فيها وأخبار الجنّ وأخبار أهل الهَوى من الملائكة ، وما من ملك يموت في الأرض ويقوم غيره إلاّ أتانا خبره ، وكيف سيرته في الَّذين قبله ، وما مِن أرضٍ مِن سِتَّة أرضين إلى السّابِعة إلاّ ونحن نؤتى بخبرهم ، فقلت : جُعلتُ فداك فأين منتهى هذا الجبل؟ قال : إلى الأرض السّابعة (٣) ، وفيها جهنّم على وادٍ من أوديته ، عليه حفظة أكثر من نجوم السّماء وقطر المطر وعدد ما في البحار وعدد الثّرى ، قد وُكِّل كل ملك منهم بشيء وهو مقيم عليه لا يفارقه ، قلت : جُعِلْتُ فِداك إليكم جميعاً يلقون الأخبار؟ قال : لا إنّما يلقى ذلك إلى صاحب الأمر ، إنّا لنحمل ما لا يقدر العباد على الحكومة فيه فنحكم فيه فمن
__________________
١ ـ هو ابن العاص كما في رواية المفيد أو غيره في كتابه « الاختصاص ».
٢ ـ في رواية غير المؤلّف : « وهي تمنّيها لها ».
٣ ـ في بعض النّسخ : « السّادسة ».