بأسبابها العادية (إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ) فهو ـ إذا ـ تطلّب لخرق الأسباب المألوفة في الإيلاد.
فقد حمل زكريا «هنالك» مظهرا من مظاهر طلاقة المشيئة الإلهية ، الطليقة عن المألوف ، رغم ما نحسبه قانونا لا يتخلف فنشك ـ إذا ـ في كل حادث خارج عن نطاق هذا القانون المزعوم!.
فها هو زكريا الشيخ الكبير وزوجه ـ العاقران ـ اللذان لم يلدا في صباهما ، هنالك تجيش في قلبه الرغبة في ذرية طيبة هبة من عند الله ، وحق له وهو يرى بين يديه مريم العذراء الصالحة الرعناء : (وَزَكَرِيَّا إِذْ نادى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ. فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَوَهَبْنا لَهُ يَحْيى وَأَصْلَحْنا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كانُوا يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَيَدْعُونَنا رَغَباً وَرَهَباً وَكانُوا لَنا خاشِعِينَ) (٢١ : ٩٠) ـ (ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا ، إِذْ نادى رَبَّهُ نِداءً خَفِيًّا ، قالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً ... وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ مِنْ وَرائِي وَكانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا. يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا) (١٩ : ٦).
(فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرابِ أَنَّ اللهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللهِ وَسَيِّداً وَحَصُوراً وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ) (٣٩).
«هنا» نادته الملائكة وفي مريم (يا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيى ...) (٧) ولا منافاة بينهما فان الملائكة هم وسطاء في ذلك البلاغ المبين.
والتبشير هنا يحمل مواصفات اربع ليحيى :
١ (مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللهِ) هي المسيح عيسى بن مريم ، فانه كلمة قالها من قبل(١) وكلمة دالة على الله تكوينيا حيث ولد دون أب ، وكلمة رسولية
__________________
(١) كما في الأصل العبراني (تث ٣٣ : ١ ـ ٢) وزئت هبّراخاه أشر برخ موشه إيش ها الوهيم إت ـ