وأخرى مع صادق الوحي ، وثالثة مع الفطرة والعقلية والواقعية السليمة (١)!.
(... مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ) كل ذلك رسولا ورسالة :
(مِنْ قَبْلُ هُدىً لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وَاللهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ) ٤.
فكل ما انزل من قبل (لِما بَيْنَ يَدَيْهِ) و (التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ) كيانه هدى للناس ، كما (وَأَنْزَلَ الْفُرْقانَ).
والفرقان ـ ككل ـ هو الفارق بين الحق والباطل بواقعه المبرهن وأصدق مصاديقه هو القرآن ، فقد ذكر أولا بلفظ «الكتاب» وأخيرا «الفرقان» مما يدل انه هو الأول والأخير ، فكل كتابات السماء تقدمات لذلك الكتاب ، كما أن كل رسل السماء تقدمات لذلك الرسول.
ومهما كان كل رسول فرقانا بنفسه وبآيات رسالته ، ولكنه لم يكن فرقانا بكتابه ، فهذا الرسول فرقان بكتابه كأفضله ، فإنه آية خالدة رسالية ورسولية على مدار الزمن الرسالي ، وما هكذا اي كتاب بين يديه!.
ومهما شمل «الفرقان» المنزل هنا كل فرقان مع الرسل دون كتاباتهم ، فالمصداق الأعلى والأجلى للفرقان هو القرآن ، كما وهو الرسول فانه من المنزل كما القرآن : (فَاتَّقُوا اللهَ يا أُولِي الْأَلْبابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً. رَسُولاً يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِ اللهِ مُبَيِّناتٍ) (٦٥ : ١١).
وطالما القرآن المفصل منزّل تدريجيا ، ولكن المحكم منه ـ النازل ليلة
__________________
(١) للاطلاع على حال الأناجيل راجع كتابنا (المقارنات) وقد جاء شطر من عديد الأناجيل في الفرقان ٢٧ : ١٧٦ ـ ١٧٧.