المسيحيون الحقيقيون المتبعون للسيد المسيح عقيديا وخلقيا وعمليا على مختلف درجاتهم ، ما دامت رسالته وشرعته محكمة ، ولمّا جاء رسول الهدى (صلى الله عليه وآله وسلم) فهم المسلمون منهم ومن سواهم ، حيث الايمان بشرعة القرآن هو من قضايا الايمان بشرعة الإنجيل ، وكما يروى عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قوله : إنها لن تبرح عصابة من امتي يقاتلون على الحق ظاهرين على الناس حتى يأتي امر الله وهم على ذلك ثم قرأ هذه الآية(١).
ذلك وقد تعني هذه الفوقية ـ بما عنت ـ فوقية المسيحيين الملتزمين على الكافرين بالمسيح ، مهما لم يسلموا ، شرط إلا يعاندوا من آمن به المسيح (عليه السلام) وهو محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم).
ولقد نرى تفوق المسيحيين على اليهود قبل الإسلام وبعده حتى الآن ، مهما اختلقت دويلة العصابات الصهيونية منذ زمن قريب ، فانها من عملاء الاستعمار المسيحي.
والنقطة الرئيسية في ذلك التفوق الموعود توفية أجور المؤمنين والعذاب الشديد للكافرين منذ الدنيا الى يوم الدين كما تبين الآيتان التاليتان ، المفرّعتان هذه التوفية على ذلك التفوق ، بما انه من أهم درجاته وأعظم مكرماته.
فهذه فوقية روحية مضمونة للذين آمنوا وخلافها على الذين كفروا على طول خط الحياة في الأولى والأخرى ، وقد تجاوبها الفوقية الزمنية إن قاموا بشرائط الايمان كملا ولم يتركوها هملا وكما قال الله (لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذىً وَإِنْ يُقاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ). حيث المخاطبون هم المعنيون بآيات
__________________
(١) الدر المنثور ٢ : ٣٧ ـ أخرج ابن عساكر عن معاوية بن أبي سفيان قال سمعت رسول الله (ص) يقول: ...