إنهم يكفرون بآيات الله ـ مطلعين على البشارات وغير مطلعين ـ لا لنقص في الدليل ولكنه المصلحية والتضليل ، فتقرعهم بينات الآيات بواقع موقفهم المريب المعيب.
(يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْباطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (٧١).
ولقد كانوا يلبسون الحق ويغمرونه في غمار الباطل ، الأمر الذي درجوا عليه منذ البداية وحتى اللحظات الحاضرة ، يقدمهم اليهود ويتبعهم النصارى ، و «إنما بدء وقوع الفتن أهواء تتبع وأحكام تبتدع يخالف فيها كتاب الله ويتولى عليها رجال رجالا فلو أن الحق خلص لم يكن للباطل حجة ولو أن الباطل خلص لم يكن اختلاف ولكن يؤخذ من هذا ضغث ومن هذا ضغث فيمزجان فيجيئان معا فهنالك استحوذ الشيطان على أولياءه ونجى الذين سبقت لهم من الله الحسنى» (١).
فلبس الحق بلباس الباطل ولبس الباطل بلباس الحق شيطنة مدروسة على مدار الزمن الرسالي يصطاد بها السذّج البله الذين لم يعرفوا الباطل والحق حقهما فهم همج رعاع ، أتباع كل ناعق يميلون مع كل ريح ولا يلجأون الى ركن وثيق.
والمهمة الأولى والأخيرة لهؤلاء المناكيد كتمان الحق حتى لا يتّبع ، أن يلبس بالباطل كما يلبس الباطل بالحق ، والحق ضائع في المسرحين.
(لِمَ تَلْبِسُونَ ... وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) لبسكم ، و «تعلمون» الحق والباطل ، وأنتم اهل الكتاب الذي يعرّفكم الحق والباطل فلم تلبسون؟.
__________________
(١) من خطب للإمام علي أمير المؤمنين (ع) برواية الكافي وفي النهج مثلها بتفاوت يسير.