يأخذ منهم الإقرار بما أخذ عليهم ميثاقه : (قالَ : أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي) إقرارا بهذه الرسالة الختمية والايمان به ونصرته ، وأخذا بكامل القوات (عَلى ذلِكُمْ) العظيم العظيم ، الثقيل الثقيل «إصرى» إصرا في مثلث التصديق والايمان والنصرة (قالُوا أَقْرَرْنا) إقرارا ـ بطبيعة الحال ـ شاملا لأخذ الإصر (قالَ فَاشْهَدُوا) على ما أقررتم (وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ).
والإصر ـ ككل ـ هو الحمل الثقيل على الآصر وكما (رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا) (٢ : ٢٨٦) (وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ) (٧ : ١٥٧).
وترى لو أن الإصر موضوع عن الأمة المرحومة رحمة عليهم كما في آيته فكيف يحمّله النبيون أجمعون وهم أحرى بوضع الإصر عنهم ، ثم كيف يصبح واضع الإصر عن أمته إصرا على زملائه النبيين؟!.
الإصر لغويا هو عقد الشيء وحبسه بقهره كمأصر السفينة الذي يحبسها بقهر عن تفلّتها ، ولكنه قد يكون عقدا وحبسا بشرّ أو ما لا طاقة به كما في آيتيه ، وأخرى بخير وهو يطاق ، وهكذا يكون إصر الإقرار بالتصديق والايمان بمحمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لهم ونصرته ، فانه يحلّق على كل حياتهم الرسالية أن يكرّسوها ـ فيما يكرّس ـ للتعريف والبشارة بهذه الرسالة السامية ، فذلك ـ إذا ـ إصر في حمله على النبيين ، وإصر في حمل أممهم على التصديق به!.
فالإصر والإصار هما الطنب والأوتاد التي يعمد بها البيت ، والرسالة المحمدية هي عماد كل بيوتات الرسالات ، لولاها لما قام لها عمود ، ولولا زندها لما كان لها وقود.
وقد يصعب ـ بطبيعة الحال ـ لكل نبي أن يعرف نفسه بين أمته انه ـ كما