لذلك نرى الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يتغير وجهه بما يكتب للخليفة عمر من جوامع التوراة قائلا : «والذي نفس محمد بيده لو أصبح فيكم موسى ثم اتبعتموه لضللتم إنكم حظى من الأمم وأنا حظكم من النبيين» (١).
(قُلْ آمَنَّا بِاللهِ وَما أُنْزِلَ عَلَيْنا وَما أُنْزِلَ عَلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ وَما أُوتِيَ مُوسى وَعِيسى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) (٨٤).
«قل» كما هو خطاب للرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) شخصيا كذلك هو خطاب لكل مكلف بدليا ك (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) وما أشبه ، انه رغم العصبيات الجاهلة والعنصريات والإقليميات القاحلة وتأريخية الشرعة الكتابية وجغرافيتها الماحلة ، يومر رسول الهدى ان يعلن حقيقة الإسلام والإيمان ، وانهما لا يحدّان بأية حدود إلّا ابتغاء دين الله ، فيعلن ـ إذا ـ إيمانه والذين معه بجميع الرسالات ، واحترام جمعى الرسل ، معرفة بطليق دين الله الذي لا يقبل الله من المكلفين سواه ، مهما أمر المسلمون الآخرون باتّباع شرعة القرآن اتباعا لأصل الدين كما امر سائر الأمم قبلها باتباع شرائعهم : (قُلْ آمَنَّا بِاللهِ وَما أُنْزِلَ عَلَيْنا) قرآنا وسنة (وَما أُنْزِلَ عَلى إِبْراهِيمَ) كشريعة اصيلة ثانية ثم (وَإِسْماعِيلَ
__________________
(١) الدر المنثور ٢ : ٤٨ ـ أخرج أحمد عن عبد الله بن ثابت قال : جاء عمر إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال يا رسول الله أني مررت بأخ لي من قريظة فكتب لي جوامع من التوراة ألا أعرضها عليك؟ فتغير وجه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال عمر : رضينا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا فسرى ع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقال : والذي نفس محمد بيده لو أصبح فيكم موسى ... وفيه أخرج أبو يعلى عن جابر قال قال رسول الله الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء فإنهم لن يهدوكم وقد ضلوا إنكم إما أن تصدقوا بباطل وأما أن تكذبوا بحق وأنه والله لو كان موسى حيا بين أظهركم ما حل له إلا أن يتبعني.