علّها ـ بمناسبة الحوار الاسلامي الكتابي حول الشرعة الجديدة ـ وجه الى الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) اعتراض على حلية لحوم الإبل والبقر والغنم بكل أجزاءها ، ناقمين عليه ذلك التحليل الطليق والتوراة يحرمها ، فأجاب (كُلُّ الطَّعامِ كانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرائِيلَ ...).
وهنا «كل الطعام» وليس «كل الطعام» لتعني الطعام المعروف حلّه في شرعة الإسلام ـ وطليق الحل هو مصب اعتراضهم على الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ او والطعام الحل في الشرعة الابراهيمية فان بني إسرائيل كسائر المكلفين ـ هم وأنبياءهم ـ كانوا أتباع الشرعة الابراهيمية (مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْراةُ) و «كل الطعام» الحل في شرعة ابراهيم هو الحل في شرعتنا ، إذ لا تناسخ شرعيا في حل الطعام إلا عقوبيا كما حرم قسم منه في شرعة التوراة.
وهنا يتهدم صرح زعمهم أن النسخ مستحيل ، حيث خيّل إلى اهل التوراة انها هي الشرعة الإلهية منذ البداية الى النهاية ، فلا شرعة ـ إذا ـ بعدها كما لم تكن قبلها ، إلا إعدادات لها ، وتخيل ثان ان ما حرم عليهم من الطيبات لم تكن عقوبة.
وقد يروى ان إسرائيل حرّم على نفسه لحم الإبل ـ أماذا ـ مما فيه عروق إذ كان يهيج عليه وجع الخاصرة او نذر إن عافاه الله من وجعه ألا يأكل ما فيه عرق حيث تأذى به(١).
__________________
(١) الدر المنثور ٢ : ٥١ عن ابن عباس (كُلُّ الطَّعامِ ..) قال : العرق أخذه عرق النساء فكان يبيت له زقاء ـ يعني صياح ـ فجعل لله عليه إن شفاه أن لا يأكل لحما فيه عروق فحرمته اليهود ، وفيه عن ابن عباس قال : جاء اليهود فقالوا يا أبا القاسم أخبرنا عما حرم إسرائيل على نفسه؟ قال : كان يسكن البدو فاشتكى عرق النساء فلم يجد شيئا يداويه إلّا لحوم الإبل وألبانها فلذلك حرمها ، قالوا : صدقت.