سحيق ومنزع عميق في أحدّ طير أنه وأمدّ خفقان جناحه حتى أظن انه قد قطع البيت عاليا عليه وجائزا به ، فما هو إلا ان يقرب منه حتى ينكسر منحرفا ويرجع متيامنا او متياسرا فيمر عن يمين البيت او شماله ، كأن لافتا يلفته او عاكسا يعكسه ، وذلك من أطراف ما شاهدته هناك وجربته ، اللهم عد بي الى بيتك واجعلني فيه من أنصار مهديك القائم عجل الله تعالى فرجه ، وكما رجوته حين أقمت فيه ولكن الله قضى امرا كان مفعولا.
وسابعة هي بئر زمزم حيث نبع فوارا أرتزيا منذ مس إسماعيل عقبه على أرضه ، ولا يزال نابعا يزيد ولا ينقص ، ثم وماءه لا يتسنّه على طول المكوث مكشوفا على أية حال.
وثامنة هي قصة الخليل (عليه السلام) لما أمر في المنحر بذبح ابنه إسماعيل ، فأخذ يضغط على المدية ولكنها لا تقطع حيث «الخليل يأمرني والجليل ينهاني».
وتاسعة هي ترك الذباب والبراغيث في منى يوم الأضحى ويومين بعدها ، وأرضها مليئة بالأشلاء العفنة والنتنة ، فلا تجد أية مؤذية فيها!.
وعاشرة هي حصى الجمار التي تؤخذ من المشعر الحرام بالملايين الملايين سنويا ، وليس سبيل ماء ولا مهب رياح شديدة! ثم ترى ذهاب تلك الحصى وخلو مواضعه منه على كثرة الرامين به واجتماعه في مواضعه.
وحاد يعشرها انها تجبى إليها ثمرات كل شيء ، والبلد الحرام نفسه كان قاحلا لا ماء فيه ولا كلاء ، وحتى الآن وهما فيه قدر الحاجة لا ثمرات فيه من نفسه إلّا من كل أكناف العالم.
وثاني عشرها الأمن النسبي فيه ـ مهما شذ فيه اللّاأمن ـ حيث الحروب وإراقة الدماء بعيدة عنه اكثر من غيره بكثير ، ولحدّ لا تجد فيه افتراس السباع