وكذلك (مَقامُ إِبْراهِيمَ) ليس داخل البيت نفسه ، حتى القدر المتيقن منه وهو الحجر المقام فضلا عن سواه من مقامه الواسع.
ثم (كانَ آمِناً) دون «أمن» وهي أخصر ، قد تلمح لعمق الأمن وثباته الى يوم الدين ، ف «كان» تضرب الى عمق الماضي ، و «آمنا» الشامل لمثلث الزمان يستجرّ الأمن الى عمق المستقبل ، فقد يأمن داخله عما مضى من ذنوبه وما يأتي إلّا ان يحدث حدثا يبطل دخوله في البيت.
وترى «من دخله» يخص الناس دون الحيوان؟ وأمن الإنسان ـ بطبيعة الحال وبأحرى ـ أمن للحيوان ، ف «من» هنا يشمل كل ذي روح إنسانا وحيوانا (١) ثم وسائر آيات أمن الحرم لا تخص الإنسان : (حَرَماً آمِناً ...).
أو يصح ان يكون حرم الله آمنا للإنسان وليس آمنا للحيوان وهي أحوج إلى الأمن!؟ ثم الأمن مطلق يعم النفس والعرض والمال ، فلا يطالب المديون في الحرم ولا يروّع (٢).
٦ (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ...)
اللّام في «لله» ليست للانتفاع إذ لا ينتفع الله من حج العباد وسواه من فعالهم ، وإنما لاختصاص العهدة على الناس لله ، ف «على الناس» ليست
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ٣٧٠ عن العلل بسند متصل عن أبي عبد الله (ع) أنه سئل عن طير أهلي أقبل فدخل الحرم؟ قال : لا يمس لأن الله عز وجل يقول : (وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً).
وفيه عن الفقيه وسأل محمد بن مسلم أحدهما عليهما السلام عن الظبي يدخل الحرام؟ فقال : لا يؤخذ ولا يمس لأن الله يقول : ومن دخله كان آمنا.
(٢) المصدر في الكافي بسند متصل عن سماعة بن مهران عن أبي عبد الله (ع) قال : سألته عن رجل لي عليه مال فغاب عني زمانا فرأيته يطوف حول الكعبة أفأتقاضاه مالي؟ قال : لا ـ لا تسلم عليه ولا تروعه حتى يخرج من الحرم.