لتثبت ـ فقط ـ فرض الحج على الناس ، بل هو مع العهدة الثابتة عليهم ، فلا تسقط بتركه ولا بالموت إذا استطاع إليه سبيلا لوقت مّا وتركه دون عذر.
و «الناس» هنا كل الناس من مختلف الملل والنحل دونما تمييز ، وكما أمر ابراهيم الخليل بأذانه العام : (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالاً وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ ..) (٢٢ : ٢٧) وآية ثالثة مدنية (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ ...) ولكنها لا تخاطب إلّا من يحج ، أم هو شاغل بأداء مناسكه ، حيث الإتمام لا يصح إلّا فيما اشتغلت به.
ولقد أذّن النبي كما أمر في أخريات العهد المدني قبيل الفتح ، مرة للمسلمين حيث أمر المؤذنين ان يؤذنوا .. (١) واخرى للملل الستة.
فلما نزلت آية الحج هذه جمع الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أهل الأديان الستة المسلمين والنصارى واليهود والصابئين والمجوس والمشركين فخطبهم وقال : «ان الله تعالى كتب عليكم الحج فحجوا فآمن به المسلمون وكفرت به الملل الخمس وقالوا لا نؤمن به ولا نصلي إليه ولا نحجه فأنزل الله تعالى قوله : (وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ) (٢).
__________________
(١) فروع الكافي ١ : ٢٣٣ صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال : إن رسول الله (ص) أقام بالمدينة عشر سنين لم يحج ثم أنزل الله سبحانه : (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ ...) فأمر المؤذنين أن يؤذنوا بأعلى أصواتهم بأن رسول الله (ص) يحج في عامه هذا فعلم من حضر المدينة وأهل العوالي والأعراب.
أقول : وآية الأذان والاستطاعة مدنيتان ، فلم يكن تأخير للحج عن فرضه ، وحتى لو كان فلجهات أمنية أماهيه ، والرسول أعرف بتكليفه من كل عارف!.
(٢) الدر المنثور ٢ : ٥٧ ـ أخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن الضحاك قال : ـ