كيف لا! وآية الأذان تقدم المشاة على الركب : (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجالاً وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ ...) (٢٢ : ٢٧).
هنا «يأتوك» دون «يأتونك» جواب لأمر الأذان ، والأمر بالأمر يخلف واجب الأمر ، ثم «رجالا» جمع راجل (وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ) : هزيل «يأتين» : كل ضامر بركبها ، و (مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ) يعم (رِجالاً وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ) : يأتوك ـ يأتين : (مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ).
ولأن «سبيلا» هي الطريق المنحدرة ، فإذا كانت السبيل اليه حاصلة فقد استطاع اليه سبيلا ، وإذا استطاع الحصول على هذه السبيل ، إزالة لعسرها أو حرجها ، دونما عسر او حرج فيها فقد استطاع اليه سبيلا ، حيث السبيل المستطاعة هي الميسورة وإن بوسائط قريبة ام غريبة.
إذا فالملحد له اليه سبيل بالإيمان بالله فانه ميسور ببراهينه ، والمشرك له إليه سبيل بتوحيد الله ، والكتابي له إليه سبيل بالإسلام ، والمسلم الفقير المريض الذي ليس له أمن الطريق أمّاذا من السبل غير الحاصلة بالفعل ، انه له اليه سبيل ما استطاع الحصول على المال والصحة وأمن الطريق اما هي من السبل دون حرج ولا عسر ، فالمستطيعون الى الحج سبيلا ـ إذا ـ هم الاكثرية المطلقة من الناس ، فلذلك (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً).
وما اشتراط الزاد والراحلة إلّا اشتراطا لكونهما ميسورين حاضرا وسواه ، فرب زاد وراحلة غير ميسورين وهما حاضران ، ام هما ميسوران وليسا بحاضرين ، فالأصل هو استطاعة السبيل الى الحج بمقدمات قريبة ام بعيدة ما دامت غير حرجه ولا معسورة.
والاستطاعة المشروط بها فرض الحج تعم العقلية والعقلائية والشرعية