واجتناب محارمه ومقبحاته ـ ان يستدرك ماضيه بتوبته لكيلا يموت إلا وهو مقطوع بإسلامه السليم.
ثم هنا خطاب المؤمنين ان يتقوا الله حق تقاته مما يشي بان التقوى أخص من الايمان ، ومن ثم (إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) غاية لتقوى المؤمنين مما يوضع أنه الإسلام بعد الإيمان بوسيط التقوى ، فليس هو الإسلام قبل الايمان ولا مع الايمان وتقواه ، بل هو الإسلام لله خالصا مخلصا نتيجة لتقوى الإيمان ، إذا فالإسلام الأول وهو الإقرار ذريعة الايمان والايمان ذريعة التقوى والتقوى ذريعة للإسلام الثاني فهو ذروة الايمان والتقوى ونتيجة لهما.
(وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) (١٠٣).
إن ذلك الايمان والتقوى والإسلام لا تصح إلا أن تتبنّى اعتصاما بحبل الله جميعا ، فبدونه ليست هي عاصمة لحامليها ولا معصومة عن الاخطاء الموجهة إليها الهاجمة عليها.
والحبل حبلان مادي ومعنوي ، سمي به لأن المتعلق به ينجو مما يخافه كالمتشبث بالحبل إذا وقع في غمرة أو ارتكس في هوّة ، وكذلك الحبل العهد وثيقا حيث يستأنس بها من المخاوف ، والحبال يستنقذ بها من المتالف وهذا هو التشابه بينهما.
فكلما كان صاحب الحبل أعلم وأقوى فحبله أعصم وأنجى ، فحبل الله ينجي المتمسك به من كلّ عطب وهوّة ويعصمه عن كل خوفة.
لقد امر الله المؤمنين ـ ككل ـ ان يتقوا الله حق تقاته ولا يموتن ألا وهم مسلمون ، فلا بد ـ إذا ـ من حبل رباني يعتصمون به في حق تقاته ، فالتقوى