للمسلمين أنفسهم ، وتبيينا بالنسبة لكافة المكلفين ، ان يكون المؤمنون أنفسهم ككلّ دعاة الناس إلى الخير ثم أمرا بالمعروف ونهيا عن المنكر.
فواجب الدعوة والأمر والنهي في الوسط الإسلامي كفائي ، وفي الوسط العالمي عينيّ إذ لا كفاية في دعوة البعض ، ولا أقل من أن يكونوا دعاة الناس بغير ألسنتهم ، وأمثولات الحق بأقوالهم وأفعالهم وأحوالهم.
وواجب التكوين ذو بعدين اثنين ان يصنع كلّ نفسه لصالح الدعوة ويصنع آخرين لها أو يدعوهم لذلك الصالح الجماهيري ، تواصيا بينهم بذلك الحق الحقيق بالتواصي كرأس الزاوية في التواصي الإيماني السامي.
و «الخير» المدعو إليه هنا هو خير الايمان والتقوى والإسلام المتبنية خير الاعتصام بحبل الله جميعا دون تفرق ، والجامع لها على حد قول الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) «إتباع القرآن وسنتي» (١) الذي يتوحد في الاعتصام بحبل الله جميعا دون تفرق ، فكما حبل الله واحد في أصله ، كذلك الخير ، فأصل الخير هو حبل الله كما ان حبل الله هو الخير.
ثم الخير هنا مبتدء بالسلب وهو ترك ما يناحر الاعتصام بحبل الله ، ومختتم بالإيجاب وهو نفس الاعتصام ، وهكذا يكون كل خير كما ومبدء كل خير هو المركب من السلب والإيجاب : (لا إِلهَ إِلَّا اللهُ).
إذا ف «الخير» تعم خيرا ثقافيا ـ عقيديا ـ خلقيا وعمليا ، إيجابا للواجبات وسلبا للمحرمات ، وهذا هو رأس الزاوية في «الحافظين لحدود الله» ثم يأتي
__________________
(١) الدر المنثور ٢ : ٦٢ ـ اخرج ابن مردويه عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) قال : قرأ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ ..) ثم قال : الخير اتباع القرآن وسنتي.