تصطدم بطبيعة الحال بشهوات الناس ونزواتهم ومصلحياتهم ، بغرورهم وكبريائهم ونخوتهم ، وفيهم جبارون غاشمون ، والهابطون الكارهون لكل صعود روحي او عملي ، وفيهم المسترخي المهمل الكاره لكل جدّ واشتداد ، فلتتزود تلك الأمة بكل قوة وسداد ، وهزم واجتهاد واستعداد لمواجهة المكاره المضنية والمعارك الدموية (وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).
وتعقيبة الآية هذه الواصفة لهذه الامة الداعية بالإفلاح ، هي من عساكر الدلائل على اشتراط المعرفة بالخير وفعل المعروف وترك المنكر للداعي الآمر الناهي ، فان فاقدها أم فاقد أحدها ليس من المفلحين ، بل هو من الفالجين المفلجين!.
(وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ وَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ) (١٠٥).
(لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا) عن حبل الله ، وعن الاجتماع في الاعتصام به «واختلفوا» فيما بينهم عن جمعية الاعتصام ، اعتصاما بحبل وتركا لآخر ، ام تبعيضا في كل حبل كتابا وسنة ، وذلك السقوط الجارف الخارف (مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ) الداعية إلى الوحدة الإيمانية الجماهيرية ، وأية بيّنة أبين من بينة الوحي الصارم وهو حبل الله المعتصم به لمن أراد الاعتصام.
«وأولئك» الحماقى البعاد (لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ) في الأولى والأخرى ، إذ يعيشون شفا حفرة من النار ... أجل وإن الاختلاف في المذاهب هو نتيجة طبيعية للتفرق عن حبل الله ، أن يتخذ كلّ لنفسه وذويه مذهبا يعتبره كأنه الإسلام كله وما سواه كفر ، وكما ابتليت الأمة الإسلامية كالذين من قبلهم بذلك فاختلفوا بعد ما تفرقوا أيادي سبا ، وفصلت بينهم شتى المذاهب واستعبدتهم السلطات الاستعمارية ، فأصبحت الأمة الإسلامية على سعتها وسيادتها شذر مذر أيادي