وكما ان الدعاة المعصومين من هذه الأمة هم خير أمة أخرجت للناس ، فليكن كذلك من يخلفهم من الربانيين المسلمين ، ثم المسلمون ككل.
و «أخرجت» مجهولة لتشمل الإخراج الرباني أمرا منه في «ولتكن» وانتصابا للقمة العليا وهم المعصومون في الرسل والرسالات ، وانتخابا من الأمة هذه الأمة الصالحة للدعوة والأمر والنهي.
فما لا بد منه في كافة الأمم الرسالية إخراج امة منهم لهذه المسئولية الكبرى التي هي استمرارية للرسالات حيث تعنيهم ـ فيما تعني ـ (الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسالاتِ اللهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللهَ وَكَفى بِاللهِ حَسِيباً).
فكما الرسل والائمة المعصومون هم الأمة العليا في حمل مسئوليات الرسالات كأصول فيها ، والله هو المكّون لهم والمنتصب إياهم ، كذلك سائر الدعاة الى الله ، الآمرين الناهين ، يجب تكوينهم في كل أمة ، وذلك على عواتق الأمم كلهم ، أن يكونوا هؤلاء الدعاة الذين هم خلفاء الرسل وربانيو الأمم.
ف (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ) تعني دعاة الإسلام الآمرين الناهين ، انهم (خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) توحيدا للأمة الداعية الآمرة الناهية على مدار الرسالات كما الرسل واحدة وأممهم امة واحدة في أصل الدعوة مصدرا ومسيرا ومصيرا مهما اختلفت شكليات من فروع لهم شرعية.
فكما (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ) على وحدتهم ، كذلك «أمة» الدعوة بعد الرسل ، وكما أن خاتم الرسل هو خير الرسل ، كذلك الدعاة ـ معه وبعده ـ الى الله هو (خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) في (تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ) حيث الدعوة درجات بمادتها وشكليتها وحملتها.
فقد أراد الله تعالى قمة القيادة لهذه الأمة البارعة ، لتقود الناس ككل الى