ف «لن» لها دور الإحالة لمدخولها وهو هنا «يضروكم» وهم فسقة اهل الكتاب وافسقهم اليهود و «لن يضروكم» هؤلاء بحذافيرهم أي ضرّ بأنفسكم وعقائدكم وكل كيانكم الإسلامي السامي «إلا أذى» وهو دون ضرّ (وَإِنْ يُقاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ) عليكم.
أترى بعد أن تلك الإحالة تعم كافة المسلمين وهو خلاف الواقع الملموس طول القرون الإسلامية حتى الآن؟.
كلّا ، فإنها خاصة بمن خوطبوا من ذي قبل بتحقيق شروط السيادة : اعتصاما بالله ـ حيث تتلى عليهم آيات الله وفيهم رسوله ـ وبتقوى الله حق تقاته ، وأن يعيشوا على طول الخط مسلمين لله ، وأن يعتصموا بحبل الله جميعا ولا يتفرقوا ، وتكن منهم أمة داعية آمرة ناهية ، وأخيرا يصبحوا من خير أمة أخرجت للناس ، إذا ف «لن يضروكم» أنتم المخاطبون بهذه الأوامر ، المحققون لها كما أمرتم (لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذىً وَإِنْ يُقاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ)!.
فلأن الأذى هي دون الضرر فالاستثناء ـ إذا ـ منقطع ، أو هو الضرر القليل الضئيل فمتصل ، وعلى أية حال فالنص يبشر باستحالة الضرر من فسقة اهل الكتاب على هؤلاء المؤمنين القائمين بشرائط الإيمان ، المسرودة من ذي قبل.
فالانهزامات العقيدية والثقافية والعسكرية أماهيه لمن يسمون مسلمين ليست إلا من خلفيات الانهزامات الإيمانية (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى).
إنه ليست صيغة الإسلام والإيمان هي العاصمة لحامليها عن الشر والضر ، الكافلة للخير ، ولا أن صيغة التهود والتنصر هي القاضية على حامليها ، إنما الكافل هو الإيمان الصامد أيا كان ف : (لَيْسَ بِأَمانِيِّكُمْ وَلا أَمانِيِّ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً).