وترى لماذا هنا وفي كثير سواه (بِذاتِ الصُّدُورِ) دون «ذات القلوب» وهي اصل الروح وعمقه؟.
علّه لأن القلوب ايضا هي من ذات الصدور بكل حالاتها ومجالاتها : (فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) (٢٢ : ٤٦).
فكل حالة حسنة او رديئة ، منشرحة او ضيّقة في الصدور هي المؤثرة بالمآل في القلوب ، فالقلوب هي من ذات الصدور وليست الصدور هي من ذات القلوب.
ثم ابتلاء ما في الصدور تقدمة لتمحيص ما في القلوب : (وَلِيَبْتَلِيَ اللهُ ما فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ ما فِي قُلُوبِكُمْ) (٣ : ١٥٤).
(إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِها وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللهَ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ) ١٢٠.
«ان تمسسكم» حالة «حسنة» مادية او معنوية ، فردية أو جماعية أمّاهيه من حياة حسنة «تسؤهم» هذه الحسنة إذ (لا يَأْلُونَكُمْ خَبالاً وَدُّوا ما عَنِتُّمْ).
(وَإِنْ تُصِبْكُمْ) حالة «سيئة» من ضيق معيشي او انهزام حربي ام نكسة عقيدية أماهيه (يَفْرَحُوا بِها) ولا علاج في تلكم المواجهة المعاندة إلّا الصبر والتقوى.
(وَإِنْ تَصْبِرُوا) في كل حسنة وسيئة ، وما يسوءون ويفرحون ، دون انفلات عن ثابت الإيمان «وتتقوا» عن المحاظير التي هي نتيجة طبيعية لاختلاف الحالات والواجهات ، إذا (لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً) اللهم إلا أذى بسيطة متحمّلة (إِنَّ اللهَ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ) فهو الذي يدافع عنكم بدافع إيمانكم : (إِنَّ اللهَ يُدافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا) (وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً) وهو الذي