الولاية عن تلك الهوة الجارفة إذ لم تخرجا عن ولاية الله بذلك الهم (١) فهم داخلون في ولاية الله و (اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا).
وقدح فيهما من اخرى لماذا همتا (وَاللهُ وَلِيُّهُما) فيما وعد من النصر!. (وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) ولا سيما في همّ العصيان ، فإذا توكلوا عليه يعصمهم بولايته العشيرة للمؤمنين.
وهكذا يجب على المؤمنين أن يتوكلوا على الله مضيّا في أمر الله ، واحترازا عن نهي الله ، فلو أن الله وكّل أمورنا إلينا دونما عصمة منه وتسديد لما نجى منا أحد عن ورطات الهلاك ، كيف لا والرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ـ على محتده العظيم ـ يقول : ربنا لا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين أبدا ، ويقول الله فيه (وَلَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ (٢) إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً) وفي يوسف «وهم بها لولا أن رأى برهان ربه».
ذلك ، وكيف (هَمَّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا وَاللهُ وَلِيُّهُما وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ. وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ ...) إذ كنتم ذلا لله وظلا لرسول الله ، ثم ولم ينصركم في أحد أن لم تكونوا ذلا ، وكنتم أقوياء دون ذلّة في عدّة او عدّة :
(وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (١٢٣).
وترى كيف (وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ) وفيهم رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)
__________________
(١) الدر المنثور ٢ : ٦٨ ـ اخرج جماعة عن جابر بن عبد الله قال : فينا نزلت في بني حارثة وبني سلمة (إِذْ هَمَّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا ...) وما يسرني انها لم تنزل لقول الله (وَاللهُ وَلِيُّهُما).
وفيه عن قتادة في الآية قال : ذلك يوم أحد والطائفتان بنو سلمة وبنو حارثة حيان من الأنصار هموا بأمر فعصمهم الله من ذلك وقد ذكر لنا انه لما أنزلت هذه الآية قالوا : ما يسرنا انا لم نهم بالذي هممنا به وقد أخبرنا الله انه ولينا.