الْمُحْسِنِينَ) تعقيبة لها ، ومثلث الازالة لخلاف الحسن والإحسان :
١ (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ ...)
(السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ) هما الفعلاء المؤنث من سرّ وضرّ ، وهما وصفان لمحذوف هو طبعا معروف ك «الحياة ـ الحالة» الأكثر سرّا او ضرا.
وكما «ينفقون» يعم كل نفس ونفيس ، كذلك (السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ) تعمان كل أبعاد الحياة السارة والضارة.
فليس إنفاقهم فقط في السراء ثم هم في الضراء يبخلون ، فإنما حياتهم هي الإنفاق في الإقبال والإدبار ، حين السرّ والضر كحالة عامة أم في جانب الإنفاق ، فهم أولاء في سرورهم وحزنهم ، في يسرهم وعسرهم ـ وعلى أية حال ـ الإنفاق أنفسهم ونفائسهم في سبيل الله فلا يفشلون ولا ينجلون ، أجل وإن السراء لا تبطرهم فتلهيهم عن الإنفاق ، ولا الضراء تضجرهم فتنسيهم ، فلهم أرواح شفيفة عفيفة منطلقة من كل القيود والأغلال التي تقيّدهم وتحول بينهم وبين حق الإنفاق وصالحه.
وهنا يتقدم الإنفاق على سائر الست لأن له دوره العظيم العميم في عامة مسائل الإيمان ومنها الجهاد في سبيل الله الذي يتطلب الإنفاق من خالص النفس والنفيس.
٢ (وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ) : غيظهم أنفسهم على الآخرين وغيظ الآخرين عليهم وعلى آخرين ، كظما مثلثا للغيظ ، الذي له دور عظيم في إخماد نيران الفتن بين المؤمنين ، والكظم في الأصل هو شد القربة بعد امتلاءها ، فكظم الغيظ هو شده بعد الامتلاء منه بحيث كان يتفجر منه لولا شدّه.