فلا نعيد ، والجدير بالذكر هنا أن للمتشابه تأويلين وللمحكم تأويل واحد ، مهما كان لكلّ بطون.
١٢ كما وقد سبق البيان في الفارق بين التأويل وتفسير المتشابه.
ويا للراسخين في العلم من خنوع وخشوع في جنب الله في دعاء السلب والإيجاب :
(رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ).(٨)
وترى أن إزاغة القلب هي من الله ولا سيما بعد إذ هدى ، وخاصة بالنسبة للراسخين في العلم؟ إنها من العبد حين يزيغ فيزيغ الله قلبه : (فَلَمَّا زاغُوا أَزاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ) وان كان بعد إذ هدى ، وأما الراسخون في العلم فدعاء السلب لهم تعني أنهم لا يملكون في أنفسهم هدى لولا تثبيت من الله : (وَلَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً) لا سيما وان الراسخين هنا تشمل مع المعصومين سواهم ، الذينهم في خطر الزيغ من أنفسهم فالإزاغة من الله.
فقد تعني هذه الدعاء لهم ككل : أدم لنا ألطافك وعصمتك وهداك ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين أبدا ، ولا تبتلنا بأمر إمر يثقل علينا القيام به والخروج إليك من حقه فتزيغ له قلوبنا ، فهي ـ إذا ـ كمثل (رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا) (٢ : ٢٨٦).
وقد تعني الإزاغة ترك التوفيق عن زيادات الهدى بنقصان الاهتداء (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً وَآتاهُمْ تَقْواهُمْ) فقد سألوه ـ إذا ـ ان يلطف لهم بكثرة الخواطر وقوة الزواجر في فعل الإيمان حتى يقيموا عليه طيلة أعمارهم ولا