وزيغ القلب يعم جانب الايمان الى جانب العلم والعقل ، فكل ضيق للإنسان يتطلب ضيقا في فهم القرآن.
نظرة ثانية إلى آية التقسيم :
(هُوَ الَّذِي ..) تحصر إنزال الكتاب ككلّ في الوحي ، فليؤمن المؤمن به كلّه ـ بما لا يفهمه إلى ما يفهمه ـ دون تقحم في المتشابه ما لم يجد لتأويله صالح السبيل ، أو وفي محكمه صالح التأويل.
ومهما اشتمل القرآن على متشابهات على ضوء المحكمات ، فالأصول
__________________
ـ ومنسوخ ومحكم ومتشابه وظهر وبطن فظهره التلاوة وبطنه التأويل فجالسوا به العلماء وجانبوا به السفهاء وإياكم وزلة العالم.
وفي نور الثقلين ١ : ١٣٣ في كتاب الإحتجاج عن أمير المؤمنين (ع) حديث طويل وفيه : ثم إن الله جل ذكره لسعة رحمته ورأفته بخلقه وعلمه بما يحدثه المبطلون من تغيير كلامه قسم كلامه ثلاثة أقسام فجعل قسما منه يعرفه العالم والجاهل وقسما لا يعرفه إلّا من صفا ذهنه ولطف حسه وصح تمييزه ممن شرح الله صدره للإسلام وقسما لا يعرفه إلّا الله وأنبياءه والراسخون في العلم وإنما فعل ذلك لئلا يدعي أهل الباطل من المستولين على ميراث رسول الله (ص) من علم الكتاب ما لم يجعله الله لهم وليقودهم الاضطرار إلى الايتمار لمن ولاه أمرهم فاستكبروا عن طاعة تعززا وافتراء على الله واغترارا بكثرة من ظاهرهم وعاونهم وعاند الله جل اسمه ورسوله (ص).
وفي تفسير العياشي عن سماعة بن مهر أن قال قال أبو عبد الله (ع): أكثروا من أن تقولوا ربنا لا تزغ ... ولا تؤمنوا الزيغ ، وأصول الكافي عن هشام بن الحكم قال قال لي أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام يا هشام إن الله حكى عن قوم صالحين أنهم قالوا : ربنا لا تزغ ... حين علموا أن القلوب تزيغ وتعود إلى عماها ورداها ، أنه لم يخف الله من لم يعقل عن الله ومن لم يعقل عن الله لم يعقد قلبه على معرفة ثابتة يبصرها ويجد حقيقتها في قلبه ولا يكون أحد كذلك إلّا من كان قوله لفعله مصدقا وسره لعلانيته موافقا لأن الله لم يدل على الباطن الخفي من العقل إلّا بظاهر منه وناطق عنه.