فقد تنضم دعاء السلب والإيجاب هذه من الراسخين في العلم في خضم كلمة التوحيد (لا إِلهَ إِلَّا اللهُ) حيث التعلق بكل ما سوى الله زيغ ، والتعلق بالله هدى ورسوخ في العلم وبينهما عوان.
او يقال هناك زيغ في القلوب وهنا رسوخ في العلم وبينهما عوان لم يذكر وهو القلب السليم غير الراسخ فيه العلم ، فلا هو يفسر المتشابهات زائغا ولا هو يعلم تفسيرا او تأويلا صالحا ، كالعوام من المؤمنين الذين لا يفهمون القرآن.
ومن اتباع المتشابه الجدال والمراء فيه ونثره نثر الدقل تأولا له على غير تأويله وتراجعا فيه ضربا لبعضه ببعض ، كما يروى متظافرا عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) (١).
__________________
(١) الدر المنثور ٢ : ٥ ـ أخرج جماعة عن عائشة قالت : تلا رسول الله (ص) (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ ...) فإذا رأيتم الذين يجادلون فيه فهم الذين عنى الله فاحذروهم ـ ولفظ البخاري ـ : فإذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله باحذروهم ـ وفي لفظ لابن جرير ـ إضافة : والذين يجادلون فيه ، وفيه عنه (ص) قال : إن في أمتي قوما يقرءون القرآن ينثرونه نثر الدقل يتألونه على غير تأويله ، وأنه خرج على قوم يتراجعون في القرآن وهو مغضب فقال : بهذا ضلت الأمم قبلكم باختلافهم على أنبيائهم وضرب الكتاب بعضه ببعض ـ قال ـ : وأن القرآن لم ينزل ليكذب بعضه بعضا ولكن نزل يصدق بعضه بعضا فما عرفتم منه فاعملوا به وما تشابه عليكم فآمنوا به ، وفيه أخرج الطبراني عن عمر بن أبي سلمة أن النبي (ص) قال لعبد الله بن مسعود أن الكتب كانت تنزل من السماء من باب واحد وأن القرآن نزل من سبعة أحرف حلال وحرام ومحكم ومتشابه وضرب أمثال وآمر وزاجر فأحل حلاله وحرم حرامه واعمل بمحكمه وقف عند متشابهه واعتبر مثاله فإن كلّا من عند الله وما يتذكر إلّا أولوا الألباب ، وفيه أخرج ابن جرير ونصر المقدسي في الحجة عن أبي هريرة أن رسول الله (ص) قال : نزل القرآن على سبعة أحرف المراء في القرآن كفر ما عرفتم منه فاعملوا وما جهلتم منه فردوه إلى عالمه.
وفيه عن ابن عباس قال : إن القرآن ذو شجون وفنون وظهور وبطون لا تنقضي عجائبه ولا تبلغ غايته فمن أوغل فيه برفق نجا ومن أوغل فيه بعنف غوى أخبار وأمثال وحرام وحلال وناسخ ـ