وصفاته ـ كذلك ـ ذاتية هي ذاته القدسية ، وفعلية هي أفعاله ، إنها لا محدودة فلا تعدد في الموصوف بها بنفس السند.
كما وأفعاله المنضدة المنتظمة دون تهافت وتفاوت ، وبكل تناسق وتوافق حيث (ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ) ذلك ايضا دليل وحدة الخالق الناظم الناسق ، فتدبيره العجيب وصنعه اللطيف اللبيب وحكمته البالغة وقدرته الحالقة ، كل ذلك دليل وحدة الصانع الحكيم القدير.
كما وشهد الله بما خلق في أنفسنا ودبر من فطر وفكر وعلوم ، فالفطرة شاهدة ، والعقل شاهد ، والعلم في كل حقوله شاهد ، شهداء ثلاثة هي من الآيات الأنفسية اضافة الى الآيات الآفاقية (أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ).
ثم (وَالْمَلائِكَةُ) المدبرات أمرا ، والحاملات رسالات الله على رسل الله ، إنها تشهد بوحدة التدبير ووحي الرسالة التوحيدية (أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) فلا تجد الرسالات الإلهية ملكا يحمل خلاف التوحيد ، او يعمل في تدبير أمر الكون خلاف التوحيد.
وكذلك (أُولُوا الْعِلْمِ) بالله ، ف (إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ) ولا سيما الرسل والنبيون (١) وهم الرعيل الأعلى من اولى العلم بالله ، فإنهم
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ٣٢٣ في تفسير العياشي عن جابر قال سألت أبا جعفر عليهما السلام عن هذه الآية (شَهِدَ اللهُ) قال أبو جعفر عليهما السلام : شهد الله .. فإن الله تبارك وتعالى يشهد بها لنفسه وهو كما قال ، فأما قوله : والملائكة ، فإنه أكرم الملائكة بالتسليم له بهم وصدقوا وشهدوا كما شهد لنفسه وأما قوله : «وأولوا العلم قائما بالقسط ، فإن أولي العلم الأنبياء والأوصياء وهم قيام بالقسط والقسط العدل في الظاهر والعدل في الباطن أمير المؤمنين» أقول : قائما بالقسط هي صفة لله لإفرادها دون الآخرين المجموعين ، مهما حملوا القسط في شهادتهم بالوحدانية ، اللهم إلّا تأويلا أو حملا لقسطهم على هامش قسط الله.