ومهما دخلت في سائر الشهادات خلاف العدل والقسط ، ولكن الله في شهادته وفي ربوبيته ككلّ ليس إلّا :
(قائِماً بِالْقِسْطِ) تشهد لقيامه بالقسط ألوهيته ، فانما يحتاج الى الظلم الضعيف ، كما وتشهد سائر الشهداء من الملائكة واولي العلم ، دون اي دخل ولا دجل أو دغل في الشهادة التوحيدية ، فإنما هو قسط فوق العدل ، وليس ظلما دون العدل ، ولا هي ـ فقط ـ عدل ، فالقسط من اعدل العدل وأفضله ، وهكذا تكون شهادة الله على توحيده : (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) فعزته الوحيدة غير الوهيدة ، وحكمته الوحيدة الوطيدة تشهدان لتوحيده شهادة قاسطة.
تلك هي جملة براهين التوحيد المستفادة من هذه الغرة الكريمة ، فكما ان وجود الله يملك كل البراهين المثبتة ، كذلك توحيده وسائر أسماءه الحسنى وصفاته العليا ، فإنه تعالى قائم بالقسط في كافة مسارح ربوبيته بمصارح آياته آفاقية وانفسية دون إبقاء.
وها نحن نرى على مدار الزمن في التاريخ الجغرافي والجغرافيا التاريخي ، ان الفترات التي حكمت فيها شرعة الله وحدها ، هي التي ذاق فيها الناس طعم القسط واستقامت حياتهم قاسطة ، في حين نراها في الفترات المتخلفة عن شرعة الله ساقطة.
لذلك نرى آية الشهادة الإلهية ـ هذه ـ مع زملائها في لسان الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) «معلقات بالعرش ما بينهن وبين الله حجاب» (١)
__________________
(١) الدر المنثور ٢ : ١٢ ـ أخرج ابن السني في عمل يوم وليلة وأبو منصور الشجامي في الأربعين عن علي قال قال رسول الله (ص) : وإنّ فاتحة الكتاب وآية الكرسي والآيتين من آل عمران : شهد الله .. إن الدين عند الله الإسلام ـ وقل اللهم مالك الملك .. بغير حساب ، هن معلقات ـ