وَأَرْسَلْناكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً) (٤ : ٧٩).
ومن خيره في تدبيره امور الكون غير المختار كما يدبر الكائن المختار وفي رجعة اخرى الى الآية نقول :
إن (بِيَدِكَ الْخَيْرُ) تحلق الخير على كل أفعاله تعالى ، إذنا في خير او شر وعدمه في خير او شر ، فحين يريد فاعل تحقيق شره بما قدم له ، والله يعلم ما يريد ويكرهه ، فهلّا يريد الله هنا سلبا ولا إيجابا وقد حرّمه؟ وهذا انعزال عن الربوبية! ام يريد سلبا والشرير يحقق شره رغم ارادة الله؟ وهذا تغلب على ارادة الله! ام يريد إيجابا بعد ما اراده الشرير وقدم له ما أمكنه؟ وهذا هو الإيتاء الرباني لما حرّمه تشريعا ، فلو انه أراد سلبه اضطر الشرير الى تركه وخرجت حياة التكليف عن دور الامتحان ، فهذه الارادة الربانية ـ إذا ـ خير وليست شرا.
نعم في دوران الأمر بين ارادة السلب والإيجاب في الشر قضية الحكمة الربانية تقديم الأهم على المهم ، فان كانت ارادة السلب أهم قدّمت على الإيجاب كما في نار ابراهيم ، وان كانت ارادة الإيجاب أهم قدمت على ارادة السلب كما في الأكثرية الساحقة من الشرور الشخصية ، فانما يريد الله السلب في الشرور الجماعية التي فيها استئصال الحق باهله عن بكرته كما في قصة ابراهيم.
ولا يعني «الخير كله بيديك والشر ليس إليك» انه لا يريد الشر وان كانت ارادته خيرا ، وانما هو الشر الذي هو يسببه دونما اختيار لأهله.
وفيما يسد عن الشر رغم توفر مقدماته الاختيارية ، فقد يجازى الشرير حيث لم يكتف بالنية ، فقد قدم ماله فيه امكانية ، فليعاقب بما قدم مهما خف عقابه إذ لم يحصل شره!.