وصوته ، المسجلة في مربعة المسجلات : أعضاء وأرضا وملائكة وشهداء ، كما فصلناه في آية الأسرى والزلزال ونظائرهما.
وكذلك (عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ) ولكنما الوجدان في خيره وشره لا يحلّق على كل خير وشرّ ، وانما الخير الباقي غير الحابط ، والشر الباقي غير المكفر ، كما استثنتها آيات التكفير والغفر والإحباط.
ثم الخير هو بنفسه ثواب كما الشر بنفسه عقاب ، ف (إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) حيث تبرز ملكوت الخير والشر ، مهما كان جزاء الخير فضلا وجزاء الشر عدلا.
ولماذا (تَوَدُّ .. أَمَداً بَعِيداً) في السوء ترجيا للمفاصلة الزمنية البعيدة ، دون المفاصلة الواقعية وهي هي المخيفة قريبة ام بعيدة؟.
لأنه لا يجد هناك مفرا عما عمل من سوء حيث يراه لزامه على اية حال ، فيترجى ـ لأقل تقدير ـ أمدا بعيدا ، يرتاح فيه عن بأسه.
فالعمل السوء كالقرين السوء لا مفر عنه ولا مفلت إلا ترجى البعد عنه لفترة كما : (نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ ... حَتَّى إِذا جاءَنا قالَ يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ).
وعل (يُحَذِّرُكُمُ اللهُ نَفْسَهُ) هنا المكررة بعد الأولى ، تعني في كلّ معناه ، فالاولى تحذير عن موالات الكفار ، والثانية تحذير عن كل الشرور ، إضافة الى ما تحمله الثاني من شديد الحذر حين تبرز الأعمال كما عملت فلا مجال لناكر او عاذر ، وقد حذرت الاولى عن وبال الاولى.
ثم (وَاللهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ) تزويد للخيرات في فضل الجزاء ، ورأفة في عدله ، انه يعاقب اقل ما تستحقه العصاة ، لحد لا يستوجب الظلم بحق المتقين.