لا تقبل تحولا الى غير المحال على أية حال.
و «كان» تامة تعني اصل الكينونة ، ضاربة الى اعماق الماضي ، أزلية لا أولية ، فإذا لم تكن فيهما آلهة إلا الله منذ الأزل ، فباحرى بعده حتى الأبد ، إذا فهي حجة لسرمدية الإله الواحد دون شريك ، ثم «إلا» هنا تعني الغير لا الاستثناء ، حيث يعني ـ إذا ـ «لو كان فيهما آلهة ليس معهم الله لفسدتا» والنتيجة «لو كان معهم الله لم تفسدا»!.
فانما هي بمعنى «الغير» فتعني «لو كان فيها آلهة غير الله ..».
ومن ثم «فيهما» هنا لا تعني مكانا من السماوات والأرض لله والآلهة إلا الله ، فان الله هو الذي مكّن المكان فليس له مكان ، وكان إذ لا كان ، فلا تعني «فيهما» إلّا ما عنته (هُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ) ان يكون الكون ظرفا لفاعلية الالوهية دون ذاتها.
وهنا حوار حول هذه الحجة الباهرة نطرحها بكل دقة وإمعان ، لكي نحصل على حق المعني منها دون تزعزع وتلكع :
١ ـ المشركون لم يكونوا يدعون ان هناك آلهة غير الله كما الله ، يخلقون كما يخلق ويميتون كما يميت ، فما هي المغزى من ذلك التنديد الشديد وعرض الاستحالة في فرض مرفوض عند المشركين؟.
هذه الآية تحلّق ـ حجة بارعة ـ على غير الموحدين أيا كانوا ، من مشركين وثنوية وثالوثية يعدّدون ذات الإله بكل شؤون الألوهية.
٢ ـ فرض (آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ) انما يفرض «لفسدتا» من فساد السماوات والأرض ، إذا كانا مختلفي العلم والحكمة ، واما الالهة المتوافقة في الحكمة والتدبير فلا اختلاف في ربوبياتهم ، فوحدة النظام في واقع الكون لا تدل إلا على وحدة التنظيم ، وهي أعم من وحدة الناظم ، ام تعدده بوحدة