التنظيم ، ف (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ) لم تفسدا الا على فرض الاختلاف بينهم في التنظيم!.
ولا يرده ان الحكمة هي الموافقة للقوانين العقلية المأخوذة من واقع الكون ، التابعة له ، لكن الرب المدّبر فعله هو نفس نظام الواقع ، المتبوع للقوانين العقلية والعلمية ، فكيف يكون فعله تابعا لتلك القوانين؟.
حيث يرده ، ان صالح الحكمة الالهية هو الذي يصلح واقع الكون ، وصالح الكون آية لتلك الحكمة ، وليس من المفروض ان تكون هذه الحكمة الصالحة من اله واحد ، فقد تكون من آلهة متوافقة في صالح الحكمة ، وكما ان المدبّر الواحد فعله نفس النظام ، كذلك غير الواحد!.
فاحتمال تعدد الآلهة لا يجتثه واقع النظام في الكون عقليا وعلميا ، إذ يحتمل ان يكون من منظّمين كثير ، متوافقين في حكمة التنظيم ، كما يحتمل انه من منظم واحد.
والجواب الصالح عن هذه المشكلة الشائكة أن «لفسدتا» لا تعني فقط فساد السماوات والأرض بفساد التدبير نتيجة الاختلاف والتناحر ، بل وكذلك «لفسدتا» الآلهة إلا الله ، وهي فساد الألوهية فيهم كلهم ، ام فساد تعددهم!.
فلا يخلو تعدد الألوهية عن فساد في زاوية الكون ، او المكوّن ، ام تعدد المكون والمدبر ، إذا فهو ثالوث الفساد تحليقا على كافة فروض التعدد ، في اصل الذات ام في ربوبيات ، ام في الخلق والأمر ، ام ضغث من هذا وضغث من ذلك ، فان وحدة النظام بهذه البراعة واليراعة تشي بوحدة المنظم ذاتيا وصفاتيا وافعاليا.
فلو تعددت الذوات لتعددت الإرادات فتعددت النواميس وتناحرت و «فسدتا»!.