فالأكثرية من المشركين (لا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ) جهلا فاتكا ، والأقلية المسيّرة لهم (يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ) ، واين اعراض من اعراض؟!.
وليس عدم العلم بالحق يدفع جاهله الى الاعراض عنه إلا إذا تعرّق فأصبح كأنه علم ببطلان الحق ، حيث «يؤخذ من هذا ضغث ومن هذا ضغث فيمزجان فيجيئان معا فهنا لك استحوذ الشيطان على أولياءه ونجى الذين سبقت لهم من الله الحسنى» (١) ثم ومن ذكر من قبلي :
(وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ) ٢٥.
(وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أَجَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ) (٤٣ : ٤٥) فالرسالة الإلهية الموحدة تحلّق على تاريخ الرسالات كلها دونما استثناء ، أفلا يكفي ذلك الوحي المتواتر المتواصل من عند الرحمن أنه لا إله إلا هو تصديقا لوحيه ، ام لا يكفي عدم إرسال رسول من قبل من يتخذونهم آلهة من دون الله ان ليسوا هم بآلهة إلا في خضمّ الخيال والادعاءات الجوفاء الخواء؟.
(وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً سُبْحانَهُ بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ) ٢٦.
وهذه القولة الجاهلة نجدها بين فريق من اهل الكتاب هودا ونصارى (وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ ذلِكَ قَوْلُهُمْ
__________________
(١) خطبة لعلي (عليه السلام) بدايته : «انما بدء وقوع الفتن أهواء تتبع واحكام تبتدع يخالف فيها كتاب الله ويتولى عليها رجال رجالا فلو ان الحق خلص لم يكن للباطل حجة ولو ان الباطل خلص لم يكن اختلاف ولكن يؤخذ من هذا ضغث ... (اصول الكافي ـ وفي النهج باختلاف لفظي يسير).