على الدعوة او الداعية ، وقد هاجر الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلم) أرض الدعوة الاصيلة الى اخرى لما هجّروه وأرادوا ليقتلوه ، فانقلب واجبه المقام الى المهاجرة الى المدينة ، حتى أسس فيها دولة الإسلام ورجع في نهاية امره الى مكة فاتحا محبورا مشكورا.
وهاجر موسى ومن معه فرارا من بأس فرعون وملئه ، وابراهيم ولوط حيث نجا هما الله الى الأرض المباركة ، ولوط حيث نجّي باهله عن قومه الهاجم عليهم الخطر الناجم عن تكذيبهم (فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ)!.
واما ان يذهب الداعية عن جو الدعوة بمجرد انهم بالفعل لم يتأثروا بها ، فلا ، علّهم يتأثرون في المستقبل ، ام تلزمهم الحجة الدائبة عليهم إذا كانوا ممن (سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) ولكن الدعوة المتواصلة ليست سواء عليك وانما عليهم.
فأصحاب الدعوات رسولية ورسالية لا بدل لهم ان يتحملوا تكاليفها ، صبرا على التكذيب بها والإيذاء من أجلها ، ومهما كان تكذيب الصادق الأمين مريرا عليه ولكن الصبر عليه هو بعض تكاليف الرسالة.
لا يجوز للداعية ان ييأس من إصلاح النفوس المتمردة ، فإذا كانت المئات لم تصل الى القلوب فلتكن ألفا وآلافات ، فقد تصل مرة الى القلب مهما كان كرور الدعوة المستمرة مرّة ، وحتى إذا أيقن ـ وكيف له ذلك وأنّى ـ انه سواء عليهم الإنذار وتركه ، فليواصل في دعوته عذرا ، كما كانت قبل نذرا.
اجل ، وان طريق الدعوات ليست هينة ولا استجابة النفوس يسيرة ، فهناك ركام من مختلف الشبهات والشيطنات تجثم على القلوب لا بد من إزالتها بكرور الدعوة ، باية وسيلة ممكنة ، تلمّسا لكافة المراكز الحساسة ، محاولة العثور على العصب الحساس ، وقد تصادف إحدى اللمسات ذلك