العصب فيتحول تحولا ، وكما قوم يونس آمنوا لما رأوا بأس الله ، ايمانا صالحا لدفع العذاب ، رغم ان الايمان عند رؤية البأس لا يفيد : (فَلَوْ لا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنا عَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ) (١٠ : ٩٨).
ان الدعوة هي الأصل (عُذْراً أَوْ نُذْراً) لا شخص الداعية ام شخصيته ، اللهم الا فيما أصبحت الدعوة في خطر بالقضاء عليها ام على الداعية ، فالى المهاجرة حفاظا على أصلها واستمراريتها في مجالات اخرى.
لقد سجن ذا النون في بطن الحوت النون تأديبا له أديبا لماذا استعجل عن قومه (فَنادى فِي الظُّلُماتِ) ظلمة بطن الحوت وظلمة الليل وظلمة البحر» (١) (أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ) إقرارا بالتوحيد «سبحانك» تنزيها لله عن كل ما يمس من كرامته وعن ان يظلم عبده في ظلماته ، ثم إقرارا بظلمه : انتقاصا عن واجب الدعوة (إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) ظلما بنفسي لمكان نقصي كرسول.
وتراه كيف ناله عهد من الله رسالة (لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) إذا كان ظلما قبل الرسالة ، وهو ظالم حين الرسالة؟ (وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ. إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ) (٣٧ : ١٤٠)!.
ان «عهدي» الذي لا ينال الظالمين هو عهد الإمامة دون مطلق الرسالة ، والظلم الذي ينافي الرسالة هو المعمّد الخائن في حمل الرسالة او أدائها ، دون الانتقاص عن كمالها ، المجبر بتأديب الله ، ولا سيما إذا كان الله يمتحن الرسول بذلك الانتقاص ، تنبيها له انه ليس على شيء لولا
__________________
(١) البحار ١٤ : ٣٨٣ في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر (عليه السلام) قال في تفسير الظلمات ... وفي ٣٨٧ روى مثله عن الإمام الرضا (عليه السلام).