يَقُولُونَ افْتَرى عَلَى اللهِ ..). فهنالك مفترون على الله الكذب من غير رسل الله ، وهم مفضوحون إذ لا حجة لهم ـ فيما يفترون ـ باهضة ، إلّا داحضة ، وهم لا يصدّقون في صدقهم على الله دونما رسالة إلهيه أم ماذا ، فكيف يصدّقون في فريتهم على الله.
وأما أن رسولا صادق الرسالة بآياته يفتري الكذب على الله ، ثم الله يستمر في رسالته دون أن يأخذ منه بيمين القدرة ويقطع عنه وتين الرسالة ، فهذه خيانة إلهية ان يأتمن الخائن في رسالته ، وإضلال في موقف الهداية.
ف (إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) لا يرسل ويأتمن الخائن ، ولو أرسل من تتأتى منه الخيانة فليختم على قلبه ، قلبا لقلب الرسالة ولسانها وأحوالها وآياتها إلى غيرها ، حسما لمادة الخيانة ، ثم قلبا إلى غير الايمان جزاء بما خان.
وسنة الله دائبة على محو الباطل وإحقاق الحق أيا كان ومن أي كان ، فهلا يمح الباطل من رسول الحق ، وهلا يحق الحق في رسول الحق؟ أجل : (وَيَمْحُ اللهُ الْباطِلَ) بكلماته (وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ).
علمه بذات الصدور لا يدعه يرسل الخونة ، ولو أرسل فلأنه يعلم موضع الخيانة يختم على قلب الخائن ، ولأنه يعلم الحق والباطل ككل ، (يَمْحُ اللهُ الْباطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ) ودلالاته.
فما كان الله ليخفى عليه ما يدور بخلد الرسول قبل أن يرسله أو يقول ، فكيف بما بعده (إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ)!
(وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ وَيَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ (٢٥) وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَالْكافِرُونَ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ)(٢٦).