وأعربها ، وأنهم مبتدء الدعوة فلتكن بلغتهم ، وأنهم قوم لّد ليسوا يتقبلوا قرآنا بغير لغتهم ولا يقلبوا إليه!
(وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ)(٤٥).
(كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ) تربية لهم على ضوء تربيتك ، فإنها الميزان لكل العالمين ، أتراها هي (وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ) (٧ : ٢٧)؟ ونحن نرى عذابات الاستئصال تترى في المكذبين بآيات الله طيلة التاريخ الرسالي ، فلما ذا قضي عليهم دون قوم موسى!
هنا (لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ) والاستئصال قاض عليهم ، فإنما القضاء بينهم إزالة للاختلاف بخارقة مارقة تجلي لهم الحق عيانا بعد بيان ، وتلجئهم إلى الإيمان بعد شك قاصد مريب ، ولكنما الدار دار ابتلاء وامتحان ، وليست دار فصل وحسبان ، إذا يذرهم واختلافهم في خوضهم يلعبون ، وفي غيهم يترددون.
ثم الشك منه مريب وهو أشره ومنه لا يريب ، فهم يظهرون شكهم بمظهر المريب ، ثم وليس العمل الصالح لصالح الرب ، إلّا لأنفس المربوبين يوم الدنيا ويوم الدين (وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) أن يسيّر على غير الصالح ثم يحاسب عليه ، ظلما ذا بعدين يجعل من ربك ظلاما للعبيد!
صحيح أن من أساء تعديا على من سواه فقد أساء على من سواه ، ولكن المحور الرئيسي في ردة فعله ليس إلا المسيء نفسه ، وكما العمل الصالح على سواء.
فالإساءة والإصلاح غير المتعديين هما لزام المسيء والمصلح دون سواهما ، والمتعدي منهما فيه ضعف لهما إن خيرا فخير وإن شرا فشر ، فصاحبه هو